إنّ النطاق الصالح للحياة Circumstellar Habitable Zone هو المنطقة المحيطة بأي نجم وتصلح لتكوين حياة عليها، إذ يجب توفر شروط معينة في كل من الكوكب والنجم لجعل الحياة ممكنة، على سبيل المثال النجوم من النوع المُستعر الأعظم تُطلق أشعة قاتلة تجعل من الحياة أمراً مُستحيلاً، وكذلك تتأثر درجة حرارة النجم بعمره ولونه، فالنجم الأحمر قد قارب على الفناء، وبذلك تكون له درجة معينة من الإشعاعات والحجم والحرارة وهي لا تصلح للحياة، وباقي النجوم كذلك عدا النجوم البرتقالية كما شمسنا، فحرارتها وإشعاعاتها مناسبة للحياة عند مسافة معينة، والحسابات كثيرة ودقيقة جداً، وهي مُرتبطة أيضاً بعوامل في الكوكب نفسه كما أسلفنا مثل الغاز والماء والكثافة والغلاف الجوي وغيرها، وتحددها عوامل أخرى مثل الكويكبات والكواكب المحيطة والأقمار، وثمّة أهمية عالية لكوكب المريخ والمشتري كما ذكرنا تجعل الحياة على الأرض ممكنة.

تبعد عنا الشمس مسافة 8 دقائق وثانية ضوئية، ويبعد عنا القمر ثانية ضوئية واحدة، ولو اختلف بُعد القمر لما حدثت الظواهر المرتبطة به مثل المد والجزء، ولو اقترب لاصطدم بنا كما سيحدث مع قمري المريخ فوبوس وديموس يوماً ما، مع العلم أنّ قمرنا يبتعد عنا 2 سم سنوياً، ولو كبر حجم القمر أو صغر فستختلف الكثير من الأمور مثل المد والجزر، وسيتباطأ دوران الأرض حول نفسها، مما سيُؤَدِي إلى اختلاف مواعيد الليل والنهار وكذلك اختلاف في ميل محور الأرض، وبهذا سيحدث اختلاف الفصول واختلاف تنوع الكائنات.

ولكن، ماذا عن الضوء الصادر من النجوم! فالأطوال الموجية للإشعاعات الضوئية ما بين قيمة عليا ودنيا متباعدة جداً (10^25) وهو رقم واسع وله تأثير على الحياة، والأطوال الموجية القادمة من الشمس تتنوع وتختلف، لكنها ضمن إطار ضيق هو 0.2 – 1.50 مايكرون وهو رقم ضئيل جداً جداً بالمقارنة بالأطوال الموجية، وبالمناسبة هذا هو الرقم المناسب للحياة.

وماذا عن صلاحية هذه العوامل على باقي الكائنات الحية؟ كالنباتات التي تعد مصدر الغذاء والحياة على الأرض، نعم السؤال صحيح والإجابة نفسها، فعملية البناء الضوئي متوافقة بدقة مع ضوء الشمس، وليست أي شمس، شمسنا العزيزة، وكأن مهندساً واحداً صنع القفل وصنع مفتاحه، ويقول البروفيسور جورج جرينشتاين: إنّ النباتات لم تكن لتنجح أو تتأقلم أو تتطور مع ضوء آخر بموجات أخرى، فاقطع عن نفسك التفكير هذا، وكذلك هذا الضوء مناسب لنباتات البحر، يبدو أنّ المهندس لم ينسَ شيئاً من خريطة الإنشاء.

مهلاً، أليس من التعليمات المهمة في يوم الكسوف ألا ننظر للشمس مباشرة لأنّ إشعاعها سيؤذينا؟ ألا يعني هذا أنّ ضوء النجوم ضار للعين ومؤذٍ؟ هذا الكلام صحيح وأحييك لو فكرت فيه، إذ يرى العُلماء أنّ الأطوال الموجية الملائمة لحاسة البصر لدى الكائنات الحية هي الأطوال الموجية من الطيف الشمسي الخاص بنا مع وجود الغلاف الجوي الحالي مع وجود الطبقات المُختلفة التي تسمح بدخول جزئي للأشعة فوق البنفسجية وغيرها من الأطوال المُختلفة.

هذا كله يجعل كوكب الأرض كوكباً فريداً؛ فحجمه وموقعه ومحيطه وخصائصه لا يمكن أن تتكرر في هذا الكون مرة أخرى، ومن بين ملايين ملايين الاحتمالات المُستحيلة، ظهر كوكب الأرض بهذه المزايا، بل وعلى ما يبدو أنه متوافق مع الحياة التي ظهرت عليه وكأنه صُمم خصيصاً لهذا الغرض، ولهذا عزيزي كوكب الأرض، عليك بالفخر مرة أخرى، والشعور أنك لست كأي كوكب، فأنت الكوكب المميز الوحيد.


اترك تعليقاً