لا يوجد جزء في الخلية لا يقوم بمهام متعددة، كل جزء هو نتاج هندسة دقيقة ليحفظ المساحة ويقوم بتقليلها عبر قيامه بعدة مهام كانت ستحتاج إلى أجزاء أخرى تشغل حيزاً من مساحة الخلية لتنفذ مهام الخلية، الشبكة الإندوبلازمية مثال آخر على هذا التصميم العبقري، فبالإضافة إلى دورها في صناعة البروتين، نجدها تعمل كمخزن خلوي للكالسيوم، وتعمل الشبكة الإندوبلازمية أيضاً على بناء إنزيمات زميلتها الشبكة الإندوبلازمية الملساء، وهي مسؤولة أيضاً عن بناء وصناعة الدهون (الليبيدات)، ويتم إنتاج الدهون في الخلايا الفردية على سطح الشبكة الإندوبلازمية على هيئة قطرات صغيرة، ومع أنّ الدهون التي نراها موجودة حول حواف شرائح اللحم أو حول محيط الخصر تبدو ككتل صلبة متجانسة، إلا أنها في الواقع توجد في شكل قطرات دهنية محاطة بغشاء داخل خلايا فردية تسمى الخلايا الدهنية أو الشحمية Adipocyte أو Lipocytes.
إنّ تناول المزيد من المواد الغذائية سيُؤَدِي إلى تراكم الخلايا الشحمية عبر إنتاج المزيد من القطرات الدهنية التي تتحد مع جيرانها فتصبح أكبر حجماً، مكونةً النسبة الأكبر من حجم الخلية الذي قد يزيد ١٠٠ مرة عن الحجم الطبيعي، وهكذا فإن السُمنة خللاً في توازن الطاقة الذي يَنتج عن التراكم المستمر للقطرات الدهنية داخل الخلايا الشحمية، لكن لا تقلق، فالجسم مُهيَّأ ومُبرمج للتعامل مع هذه الحالة.
على الرغم من نظرتنا للقطرات الدهنية باعتبارها مُجرَّد مستودعات تخزين بسيطة، إلا أنّ الدراسات الحديثة بينت أنها عُضيّات بارزة، وأنها ليست مُجرَّد كتل من الدهون بأي حال، كل حقيقيات النواة تملك القدرة على تكوين الدهون التي تُنتج كل الزيوت والشحوم المتكونة طبيعياً، فمن زيت بذور اللفت إلى زيت الزيتون في الخلايا النباتية، إلى دهون الحليب واللانولين ودهون الخنزير في الخلايا الحيوانية، وتتركز هذه الجزيئات الدهنية على سطح الشبكة الإندوبلازمية، ثم تنضغط مكونة قطرة تكون محاطة بغشاء دهني وحيد الطبقة، وتظل ملاصقة للشبكة الإندوبلازمية؛ حيث توجد الإنزيمات التي تحفز تكون الدهون [10]، ولأنّ عملية بناء الدهون تحتاج إلى طاقة وفيرة، فإننا نرى بوضوح ارتباط الميتوكوندريا بأماكن بناء الليبيدات، إذ ترتبط الميتوكوندريا حرفياً بسطح الشبكة الإندوبلازمية بواسطة مجموعة من البروتينات الغشائية، في خريطة هندسية لتوفير نقل الطاقة وتسريع البناء.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.