حاول العالم ريتشارد لينسكي اختبار التطور على المستوى الحقيقي في المختبرات، فقام بتنفيذ تجربة في 24 فبراير لعام 1988م لتأكيد التطور واستمرت التجربة سنوات طويلة (30 سنة تقريباً) كافية لتوالد68,000 جيل من بكتيريا الإشريشيا كولاي، توصل فيها إلى أنّ التطور ليس كما كان يُعتقد [44]، بل والطفرات التي سجلت في البكتيريا دائماً وأبداً هي طفرات هدامة (تقريباً 30 طفرة)، ولم توجد طفرات بناءة.
كُتبت العديد من الأبحاث لتوضيح حدوث تغيير في بكتيريا التجربة تحت مسمى التطور، لكن الحدث الأهم أنه لم يتم إضافة جين واحد على الـ 68 ألف جيل، جين واحد فقط كل ما كنا نريده، للأسف لم نَرَه، هذا يقودنا إلى الاستنتاج السابق أنّ التطور لا يضيف بيانات جديدة، بل يقلل منها، بل وهُنَاك 12 سلالة قد ماتت أثناء التجربة نتيجة لفقد الجيناتGenetic degradation فقد فقدت بعض صفاتها من ثَمَّ لم تستطع التكيف في الوسط المحيط، وهو ما سنتطرق له أيضاً في الانحلال الجيني.
وكما نحن معتادون على أنّ العُلماء المُؤمِنون بالتطور يدعون حدوث تطور، فقد أعلن بعضهم ذلك في عملية تنظيم النيتروجين في البكتيريا، إلا أنّ الأبحاث الأخرى أكدت أنّ هذه الخصائص موجودة في جينات البكتيريا، وكل ما تم هو تفعيل للجينات الموجودة نتيجة لعوامل فوق جينية، وبعض هذه التغييرات تم نقلها من سلالة إلى أخرى عبر البلازيمد، وهي طريقة موجودة في الخلايا البكتيرية وليست حادثة جديدة، لا أعلم ما هو أكثر من 68 ألف جيل أثبتت عدم وجود أي جين جديد، بل وأثبتت فقد للمعلومات، لنستنتج بذلك أنّ فكرة التطور الكبروي مُجرَّد فكرة في عقول العُلماء وليست حقيقية.
في تجربة أخرى لمحاكاة التطور، تقدم الورقة المنشورة عام 2015م أنموذجاً حاسوبياً لحساب الوقت اللازم للحصول على سلسلةٍ قصيرة للغاية من القواعد النيكليوتيدية مُحددة الوظيفة، وتثبيتها في أجيال من القردة العليا عن طريق الآليات الداروينية بالطفرات والانتخاب الطبيعي، إذ يحاكي برنامج Mendel’s Accountant عملية الطفرة والانتخاب الطبيعي عبر تحديد بداية ونهاية مستهدفة من سلاسل النيوكليوتيدات فلا يقل عدد الجيل عن 10 آلاف فرد، مع عمرٍ للجيل يبلغ 20 عاماً وفرض انتخاب قوي للغاية (انتقاء بنسبة 50٪).
تم إنشاء طفرات استبدال عشوائية ضمن سلسلة البداية، وكلما نشأ جزء في السلسلة المستهدفة تم تعيين ميزة إنجابية مُحددة لجميع الأفراد الذين يحملون هذا الجزء، وبوصول السلسلة المستهدفة إلى درجة التثبيت في الأجيال تم إيقاف التجربة، ومن ثم تم جدولة إحصائيات الوقت اللازم، وكانت النتيجة أنّ الأفراد من هذا النوع سيحتاجون إلى فترات زمنية طويلة جداً لإنشاء حتى أقصر سلسلة من النيوكليوتيدات الوظيفية.
وكان الوقت اللازم لإنشاء سلسلة من اثنتين فقط من النيوكليوتيدات المطلوبة في المتوسط هو 84 مليون سنة، أما الوقت اللازم لإنشاء تتابع من خمس نيوكليوتيدات هو في المتوسط 2 مليار سنة، وحتى مع زيادة معدلات التطفر وافتراض زيادة الطفرات المُفيدة وزيادة عدد الأفراد في الجيل فإن الأرقام ما زالت مرعبة [45]، ثم تستخلص الدراسة أنّ الوقت اللازم لحصول الطفرات بالاعتماد على الآليات الداروينية تشكل عائقاً كبيراً أمام التطور الماكروي (الكبروي) للرئيسيات، وإنّ عملية إنشاء أي سلاسل مُفيدة مُحددة من اثنين أو أكثر من النيوكليوتيدات بالآليات الداروينية تصبح مُشكِلة كبيرة [46].
ولم تنجح إلى الآن أي نظرية أو مجموعة نظريات في تفسير كيف يمكن للتطور أن ينتج عضواً متكاملاً في أي كائن، ولا أعلم كيف يمكن في عالم التجربة والمعرفة الاعتماد على شيء لا أصل له لتشييد أبراج علمية به.
اترك تعليقاً