الأعضاء الضامرة أو غير المهمة أو الأثرية vestigial organs أو أي مسميات أخرى، هي قائمة بما يقارب 180 عضو سردها داروين وغيره موجودة في جسم الإنسان لا فائدة لها، ويعتقد التطور أنها أُهملت أثناء مسيرة التطور الطويلة، إذ كان الإنسان البدائي يستخدمها، لكن بعد ذلك تلاشى دورها وأهملها، إلا أنها بقيت دليلاً شامخاً على حقبة تطور الإنسان.. إلخ وباقي الكلام الإنشائي، بل وحتى اعتبرت بعض المراكز أنّ هذه الأعضاء ضارة ويجب إزالتها فوراً مثل الزائدة الدودية.

قائمة الأعضاء طويلة، منها: الزائدة الدودية وضرس العقل وشعر الإنسان والعصعص واللوزتين والغدة النخامية والغدة الصعترية والصنوبرية، وغيرها من الأعضاء التي لا يفتأ يستغرب المرء من قراءتها في القرن الحادي والعشرين لاعتبارها أعضاء ضامرة أو غير مُفيدة.

ثم توصل العُلماء إلى أنّ لهذه الأعضاء مهاماً وظيفيةً مهمة كأي عضو في جسم الإنسان، ولن تجد شخصاً في هذا القرن يقول أنّ الغدة النخامية بلا فائدة، أو أنّ اللوزتين والزائدة الدودية بلا فائدة.

حتى لو بترنا العضو ولم يحدث ضرر على الجسم فهل هذا يعني أنه غير لازم؟ لو قطعنا يد شخص ما فإنه لن يموت، ولكن اليد عضو مهم يا أعزائي العُلماء، فللزائدة الدودية مثلاً دورٌ في جهاز المناعة والدفاع ضد البكتيريا، وفي إنتاج هرمونات معينة، وضروس العقل التي تُنتج بالتنسيق مع الأسنان الدائمة كأنها مصممة في حزمة واحدة، تضبط الأسنان وتسد الفراغات بحشر الأسنان.

ويقول التطور أنّ بعض هذه الأعضاء قد أضيف بالخطأ إلى القائمة، وبعضها نأسف لاعتبارها أثرية، فنحن لم نكن قد اكتشفنا بعد الجهاز المناعي أو باقي الهرمونات، وأنا أقول وماذا عن آلاف أو ملايين الحالات التي تأثرت وتسببتم لها بالضرر جرّاء فلسفتكم الأيديولوجية الزائدة، كم من مريضٍ تم إزالة العصعص له فعانى الويلات أثناء الجلوس أو النوم أو التبرز، كم من مريض عانت مناعة جسمه بسبب رفع اللوزتين اللتان تُعدان خط الدفاع الأول للجسم، وكم من شخصٍ خلع ضرس العقل فور بروزه وسبب له مشاكل في فرط أسنانه، وكم من مريضٍ تم إزالة الغدة النخامية له فأصبح يعاني من كل المشاكل مجتمعة في حزمة واحدة بعد أن تشتت وظائف هرمونات جسده، وكم من مريضٍ قُلبت حياته رأساً على عقب جراء إزالة الغدة الصنوبرية، وكم من عملية إزالة للزائدة الدودية أُجريت بغير وجه حق إلا للتكسب وكم وكم وكم، ثم يأتي عالم تطوري ويقول نشك في أنّ لهذه الأعضاء فائدة قليلة أو قد يكون لها فائدة ما ونعتذر لاحقاً، لا يا عزيزي اعترف وقل دمرنا حياة الملايين بسبب تسرعنا ورغبتنا بالسبق التطوري، وقد وجب تقديم اعتذار لأنّ هذه الظواهر للأسف منتشرة حتى يومنا هذا، خلع ضرس العقل، استئصال الزائدة الدودية، واستئصال اللوزتين وغيرها من السُلُوكيات، هي بحاجة إلى اعتذارات واضحة حتى تُمسح كلياً من عقول الأطباء، أو على الأقل يجب أن يتم مسحها من كتب الأحياء الداعمة للتطور، التي ما تزال تُعتبَر أنّ الزائدة الدودية مثل عظام الحوت الخلفية ومثل نتوءات الأفاعي الخلفية هي نماذج لأعضاء أثرية.

الجميع يُشجع على الاكتشاف العلمي والملاحظة، لكننا ضد التسرع خصوصاً في مواضيع تصل إلى إزالة أعضاء من جسم الإنسان لأنّ الأمر ليس لعبة، العلم بحاجة إلى التأني، هُنَاك اختلافات ظاهرة ساعدت في عملية التسريع، مثل كون الزائدة الدودية في الإنسان أصغر من مثيلتها في الرئيسيات، وهذا جعل العُلماء يعتقدون أنها أصبحت أقل وافترضوا أنّ الإنسان لم يَعُد يعتمد على الألياف النباتية مما أدى إلى تقلصها وضمورها، وهذا حكم مُتسرع جداً، لأن هُنَاك رئيسيات مُختلفة المستويات يختلف بها حجم هذا العضو المهم، إذن فالأمر ليس تطورياً بحتاً.

حسناً، حتى لا أقوم بمراجعة فائدة كل عضو، ومراجعة موضوع مُندثر أصلاً، هُنَاك كتاب يوضح كل عضو وكل فائدة منه بعنوان Vestigial Organs Are Fully Functional [89] يَضُم التفاصيل كاملة، المهم أنّ عدد هذه الأعضاء الضامرة انخفض منذ العام 1890م من 180 عضو، ليمسي في عام 1999م صفراً كبيراً [90]، ولربما أغرب ما في الأعضاء الضامرة، أنّ العُلماء المُؤمِنون بالتطور استخدموها سابقاً كدليل عن التطور حين قالوا بأنها بلا فائدة، ثم حينما اكتشف العُلماء فائدتها، استخدموا فائدتها كدليل عن التطور! وهذا شأن كل اكتشاف طبي، حيث يعزوه العُلماء إلى قدرة التطور الخارقة، كما حدث -على سبيل المثال- في عظمة الحوت الخلفية التي تساعد في الجنس ومثلها العظمة المُختلفة بين الإنسان والشمبانزي التي تساعد في العملية الجنسية، إذ كانت بلا فائدة وأكد العُلماء المُؤمِنون بالتطور أنها: دليل على التطور، وحينما تم اكتشاف فائدتها قال العُلماء المُؤمِنون بالتطور إنها: دليل على التطور، وهذا يا سادة ليس علماً، بل هذا كلام الكهنة الذي نحاربه.

رسم توضيحي 34 بعض الأعضاء الضامرة.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *