أكثر ما يضايقني هو أنهم درّسونا نظرية التلخيص في المدرسة، تخيّل طالب في المرحلة الثانوية يدرس هذا الموضوع على أنه أمرٌ علميٌ حقيقي، على الرغم من أنه أمرٌ مُنتهٍ منذ قرن ونصف قرن، لكن ماذا نقول، نظام التعليم متخلّف في دولنا العربية، ولكن عمّ نتكلم بالضبط؟

القصة تقول كان يا مكان في سابق الزمان دكتور يُدعى إرنست هيجل، كان مختصاً في مجال الحيوانات البحرية، وقد قام بتقديم مجموعة من الرسومات للجنين البشري أثناء نموه، وشبّه هذه الرسومات بالحيوانات التي تطور منها الإنسان، وهذا ما أطلق عليه تسميه أنّ الإنسان يلخص تطوره في نموه كجنين، ففي رسوماته يظهر أنّ للإنسان ذيل، وأحياناً يظهر له خياشيم، وأحياناً يكون في كيس كصفار البيض حينما كان جد جده كناري أحمر، ولكم أن تتخيلوا هذه الرسمات منذ عام 1874م، أي في العصر الحجري بالنسبة للعلم، عصر القش وبيوت الطين، عصر الديناصورات بالنسبة لنا كبشر الآن، لاحقاً تحدى البروفيسور ويلهيلم كذب هيجل قائلاً: إنّ الرسومات مُزورةٌ وإنّ هيجل قد بالغ في التزوير ليثبت نظريته، مثلاً الذيل ما هو إلا العمود الفقري لكن هيجل أضاف بعض اللمسات الذهبية على الرسمة، وأكمل دحض بقية أكاذيبه حول الخياشيم والصفار وغيرها، فما كان من هيجل إلا أن قام واعترف بما قام به في حدث يشبه ما يحدث في أفلام المافيا حينما يسأل الزعيم الموظف: ماذا فعلت بالرسومات؟ يجيبه: أنت تعرف، فيقول له لا أعرف، فيقول إرنست أنت تعرف لقد بالغت، فيقول له كيف بالغت أخبرني بحق الجحيم كيف بالغت، فيقول ورحمة أمي كنت متقاتل مع مراتي يومها وأخرجت غليلي في الرسمات وحدث ما حدث، سامحني يا توني، سامحني.

بل وكانت حجة هيجل أنّ التزييف هذا قريب جداً وعادي مقارنة بما يفعله العُلماء في زمانه [91, 92] [93]، فما دام التزييف in public وفي سبيل الـ science، فـ so what لِمَ لا أفعلها أنا أيضاً! ولعل هذا الموضوع المنتهي قد وضعت له 3 مراجع لجملة هيغل، لعل أحد الحمقى الذين شاركوا في وضع المنهاج قد لاحظوا أنّ هيجل في عام 1908م قد اعترف بجرمه أي قبل 100 عام من وضعه للمنهج! أنا لا أعلم حتى لماذا ذكرت رسومات هيجل في كتابي!

ولعله من المحزن أنه تم كشف هذا الخداع من قبل العُلماء المؤيدين للتطور، وقد كتبوا عنه بوضوح أنه أمر من المعيب ذكره، ومع هذا هُنَاك من العلماء المؤمنين بالتطور من يدافع عنه ويضع الحجج، بل ويحاول إثباته في القرن الحادي والعشرين وذلك بالاعتماد على قوانين فون باير التي تختلف عن فكرة التلخيص أو النشوء الحيوي، ولعلنا نذكر أنّ الاختلاف في الأجنة المبكرة راسخ في الأوساط العلمية بعكس ما يقوله هيجل أو غيره، فلا خياشيم في جنين الإنسان ولا سحلية في شكل جنينه، هذا كلام طواه العُلماء بقوة ولا مجال للعودة فيه.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *