لا شكَّ أنّ تطور الإنسان من أهم المواضيع التي يجب الحديث عنها في التطور، فتشابه الإنسان والقرود أمرٌ واضحٌ جلي، والتشابه يظهر في الشكل والهيكل والتصرف والطعام والقبيلة والأفعال وحتى في وضعيات الجماع، الأمر مُتقارب جداً، وهذا يجعلنا نتساءل هل الإنسان قردٌ مُتطورٌ؟ هل هو مُجرَّد حيوان ناطق ومتطور قليلاً أم أنّ الإنسان كائنٌ مُختلف؟ هذا ما سنراه في السطور القادمة، ولعلك قد تسمع تحذير يقول لك إياك أن تعتبر أن الإنسان أرقى الكائنات، إياك أن تفكر هكذا، فما هو إلا كائن انشق عن مسار القرود، وكل التغييرات العقلية اللاحقة هي مُجرَّد تغييرات في الدرجة وليست في النوع.

نرى دائماً صورة القرد الذي يمشي ويصبح نصف إنسان ثم يتحول إلى إنسان مُنتصب القامة، فقد وُجد في القرن العشرين العديد من الاكتشافات الأحفورية التي أتمت صورة تطور الإنسان من أسلاف سابقة حسب التطور، إذ تستند معظم حجج السلف المُشترك بين الإنسان وأشباه القرود على التشابه في التشريح والتشابه في تسلسل الدنا، في حين أننا رأينا حين الحديث عن الجانب الحيوي الكيميائي وحين الحديث عن التناظر أنّ التشابه في البُنى المُعقَّدة بين كائنين لا يعني بالضرورة وجود مسار تطوري بينهما ولا يعطينا أي معلومات حول الآليات المسؤولة عن الارتباط الظاهري بينهما، وخصوصاً إذا كان الأمر يتطلب تغييراً جينياً جذرياً بينهما، في الحقيقة إنّ ذكرنا لتوريث طفرة متتالية في الإنسان الذي يتطلب تطوره ملايين السنين، يحيلنا إلى إدراك صعوبة فكرة تطور القرد إلى إنسان، فالاختلافات هائلة ولا يمكن جمعها أصلاً، وفي كل الأحوال لننطلق.

سلسلة تطور الإنسان من أجناس سابقة سلسلة متغيرة ولا يوجد فيها ثوابت، فهي تتغير وتتعدل كل فترة بشكل كبير، في عام 2017م تم اكتشاف أقدم جمجمة بشرية لإنسان في المغرب وهذا ما جعل العُلماء يضيفون 100 ألف عام على تاريخ البشرية بضغطة زر، كأن يكون لديك بنطال مرقع وتضيف له رقعة جديدة، هذه الجمجمة تتَفُوق في تاريخها على الجمجمة المكتشفة من قبل في إثيوبيا، التي قُدر عمرها ب 195 ألف عام، وبذلك يصبح عمر الجنس البشري تقريباً 300 ألف عام فقط! لعلك بعدما رأيت الأرقام المخيفة سابقاً تضحك على هذا الرقم الذي يجعل الإنسان إنساناً من كائن أقرب إلى القرود.

رسم توضيحي 35 سلسلة تطور الإنسان من القردة العليا حسب أحد السيناريوهات.

تقول النظرية إنه قبل 15 مليون سنة انفصلت القردة العليا عن أسلاف قرد الغابون، ثم بعدها بسبعة ملايين سنة انفصلت الشمبانزي وأشباهها عن الغوريلا، ثم قبل 4.4 مليون سنة ظهر الإنسان البدائي أرديبيتيكوس ثم تلاه بعد 2 مليون عام الإنسان الماهر هومو هابيليس، ثم قبل 700 ألف عام فقط ظهر إنسان يدعى إنسان نياندرتال (للعلم هو إنسان متكامل مدفون بطريقة بشرية[94])، وهو أصل الإنسان الحديث الذي ظهر لاحقاً بعد 400 ألف عام؛ أي قبل 300 ألف عام من الآن، ووجدت عظام إنسان النياندرتال في القرن التاسع عشر، ولم يكن له أي أهمية إلا بعد اجتهاد العُلماء المُؤمِنين بالتطور عليه مثل هكسلي صاحب الصورة الشهيرة لعظام هياكل الحيوانات، ظلَّ هذا الأمر لسنوات طويلة أساسياً في عملية التطور إلى أن ظهر حسب الشجرة التطورية أنه ليس إنساناً، إنما هو حلقة ما أثناء عملية التطور، ولكن ظلّت صورة رجل الكهف مسيطرة على عقول البشر.

يُشكّل اكتشاف وجود إنسان منتصب القامة (هومو إريكتوس Homo erectus) منذ 3 مليون سنة و7 مليون سنة مُشكِلة حقيقية للعلماء المؤمنين بالتطور، فهم يقولون حسب جدول التطور البشري من سلف مُشترك مع القرد قد بدأ ذلك منذ 6 مليون عام، ووجود إنسان منتصب القامة يجب أن يكون في 1.6 مليون عام على أفضل تقدير، وانقراضه قبل 400 ألف عام، لكن ما حدث هو وجود إنسان منتصب القامة منذ 7 مليون عام، أي حتى قبل السلف المُشترك مع القرد! وهذه معضلة حقيقية، وتشير الدراسات إلى وجود هذا الإنسان قبل 50 ألف سنة فقط، وهذا أيضاً تعارض كبير مع النظرية التي باتت كلها أرقام، وقد كان من الأفضل علمياً إلغاء هذا التسلسل بعد الاكتشاف العلمي، بدلاً من إضافة رقعة جديدة، فكيف نجد في تسلسل يجب أن يكون بالتدريج أنّ الجد يسبق الابن، ونجد أنّ الابن عاش مع الجد في الهرم التسلسلي وهذا مرفوض حسب النظرية، هُنَاك أيضاً حفرية إنسان دمانيسي وهي محمية في دولة جورجيا الأوروبية أي خارج أفريقيا حسب نظرية التطور التي تقول أنّ البشر الأوائل كانوا في أفريقيا، تدل على أنّ كل أنواع البشر البدائية كانت واحدة وهي بعمر 1.8 مليون سنة لإنسان كامل الهيئة.

أغلب الظن أنّ هذه الاكتشافات تعود إلى أجناس بشرية مُختلفة ولربما مُنقَرِضة وليس لأشكال تطورية مُختلفة، مثلاً جنس بشري في التبت يختلف عن الجنس البشري الأفريقي، أو قوقازي وغيره وهُنَاك أجناس مُنقَرِضة، الكثير من النقاط مرتبطة بهذا التسلسل ما زالت شائكة، فحجم عقل الإنسان منتصب القامة قريب من الحجم الحالي وهو 1350 سم مكعب، ومن المفترض ألا يزيد عن 1000 سم مكعب في أحسن الأحوال، كذلك وُجود كوخ لإنسان عاقل Homo sapiens قبل 3 مليون سنة في أفريقيا معضلة حقيقية للتطور لأنها تنسف فكرة تطور الإنسان الحالية بالكامل، علاوةً على أنه لا يوجد إلا مستحاثات قليلة عن كل العملية، ولو كانت النظرية صحيحة لوجدنا عشرات الآلاف من المستحاثات، و7 مليون عام لا تكفي لإحداث 10 طفرات فما بالك بملايين ملايين التغييرات.

ثَمّة قصص عديدة وغريبة في سلسلة تطور الإنسان، فترى العُلماء يجدون ضرساً ما فيقومون برسم قطيع من البشر في الكهف، رجل وامرأة وأبناء وغابات ووجوه مُختلفة من جراء هذا الضرس، صدقاً أتكلم ولا أمازح، وتمثل أحفورة سن نبراسكا دليلاً على هذا الكلام، وبعد سنوات طويلة من اعتماد السن على أنه أصل ما للإنسان، قرر العُلماء أنه سن خنزير وأنه ليس سن إنسان، لكن، لماذا لم تمسحوا رسمة الإنسان في القطيع التي بقيت في أذهان البشر؟

هُنَاك أيضاً واقعة الفتاة أردي وواقعة إنسان بلتداون، فقد أضيفت سلسلة كاملة في التطور جراء الحصول على أحفورة بها جزء من جمجمة وفك سفلي به اثنين من الأسنان يشبه أسنان القرد، وكانت هذه الحلقة المفقودة التي يقول عنها العُلماء دائماً ويحلمون بها، وانطلق القطار لسنوات إلى أن بدأت الاكتشافات الجديدة للأحافير تصطدم بأحفورة بلتداون، ولهذا أعاد العُلماء فحص الأحفورة عام 1953م، ويا للهول! الجمجمة جمجمة إنسان كامل قديمة، والفك فك قرد من نوع أورانغوتاون معاصر، وكان قد تم معالجة الفك كيميائياً لجعله يبدو أحفورة، كما تم برد الأسنان بعناية لتبدو بحجم أسنان الإنسان [68].

لكم أن تتخيلوا بقاء هذه الكذبة 40 عاماً إلى أن اكتشف زيفها عالِم آخر، ونقول أنّ العلم حقيقة مطلقة، حقيقة مطلقة جعلت العُلماء الآخرين لمُجرَّد أنهم يصدقون بالتطور لا يفحصون العينة! أي منطق هذا، صحيح أنّ هذه الكذبة لم تعُد تُذكر في كتب التطور لكن العُلماء المُؤمِنون بالتطور يستخدمونها أنها خير دليل على أنّ العلم يصحح ذاته، 40 عام وكثير من البشر ماتوا وهم يعتقدون أنّ أصلهم قرد وتصرفوا تصرفات حيوانية جراء هذا الأمر، وما زلتم لليوم تتمسكون بنفس الأفكار ونفس الرسومات رغم الترقيع الكامل في البنطلون، إلا أنكم لا تريدون تغييره!

مجموعة بسيطة من العظام الأحفورية تجعل العُلماء يحددون الشكل والتسلسل الهرمي للبشرية، وأستغرب من وجود فكرة كهذه، ففكرة وجود إنسان إفريقي وإنسان صيني في الوقت نفسه ممكنة جداً، ولكن لو وجد العُلماء المُؤمِنون بالتطور جمجمة وجه إنسان صيني قبل 100 ألف عام، ووجدوا جمجمة إنسان أفريقي قبل 50000000 عام لقالوا الإنسان الصيني حتماً تطور من الإنسان الأفريقي! لا توجد أحفورة مدفونة مع شهادة ميلادها! ونحن نعتمد على الرقم 50000000 و100000 فنقول حتماً هذه الأحفورة كافية للاستدلال! هُنَاك فجوات كبيرة في الأرقام.

السيناريوهات مُختلفة فمرة يصفون إنساناً منحني القامة مثل القرود ومرة ينتصب قليلاً لأنه صار يستخدم الأدوات وتارة ثالثة ورابعة وهذا ما جعل أصواتاً كثيرةً في السنوات الأخيرة تنادي بفشل كل هذه السيناريوهات الخيالية لاصطناع أسلاف للإنسان (Homo habilis – rudolfensis – erectus) وما يؤكد هذا ما أشار إليه كاتب العلوم جيمس شريف حول تحدثه إلى 150 عالماً من علماء الآثار والتشريح وطبقات الأرض والوراثة والتطور حول موقع إنسان نياندرتال من تطور البشر، والحقيقة أنه حصل على 150 إجابة مُختلفة [68]!

يخبرنا التطور أنّ الحصان احتاج إلى 65 مليون سنة ليتطور في إطار النوع نفسه، لم ينتج نوع آخر، بل الحصان تطور وتحسن قليلاً وبقي حصاناً، 65 مليون عام للحصان في ذاته، فكيف يمكن لقرد أن يتحول إلى إنسان أو حتى دودة إلى زاحف في 300 مليون عام، بل ونجد أنّ نباتات كثيرة كما هي لم تتغير منذ 260 مليون عام، كذلك بعض الكائنات مثل سمكة الكويلاكانث لم تتغير منذ 100 مليون عام، لا صفات جديدة ظهرت عليها، لكن من المُفترض حسب التطور أنّ القرد تحول إلى الإنسان الحالي في 5 مليون عام!

القردة العليا

ماذا عن علاقة الإنسان بالقرود؟ إذ يرى العُلماء أنّ الإنسان والقرود قد تطورا من سلف مُشترك، وقد تعودنا أنّ الشمبانزي هو الأقرب لنا حسب نظرية التطور، لكن دعني أخبرك أنّ البونوبو أقرب إلى البشر من الشمبانزي، نعم! هذا صحيح، وكل ما كنت تؤمن به قد تغيّر.

رسم توضيحي 36 القردة العليا.

 في دراسة حديثة، أجرى الباحثون مقارنة ثلاثية من الأنواع الثلاثة (الإنسان، الشمبانزي، البونوبو) مع التركيز على التشريح العضلي لكل منهم في مركز جو للدراسة المتقدمة لعلم الأحياء المائية البشرية، وكانت النتيجة أنّ البونوبو هو أقرب سلف حي للبشر وخصوصاً أنّ بنية عضلات البونوبو لم تتغير كثيراً منذ ملايين السنين، وهي الأقرب للإنسان.

وفقاً للتطور فالإنسان والشمبانزي يشتركان في سلف مُشترك منذ 6 ملايين عام على الأقل، ثم يرى التطور أنّ الإنسان الحديث ظهرت عليه علامات التباين من سلف لم يحدد بعد منذ 2 مليون عام مضت، وتبدأ قصة الانقسام البشري الحديث من القرود وتحديداً البونوبو والشمبانزي منذ نحو 8 ملايين سنة، ولكن الدراسات الحديثة جداً أثبتت أنّ هذا خاطئ، بل على العكس من ذلك، انقسم الشمبانزي والبونوبو قبل 2 مليون سنة فقط، فقد أدّى هذا الانقسام في نهاية المطاف إلى بونوبو وشمبانزي بعد تطوير سمات لكل منهما.

رسم توضيحي 37 تطور القردة العليا.

يرى العُلماء عبر الأبحاث أنّ قصة تطور القرود مُعقَّدة أكثر من قصة تطور البشر، والعُلماء ليسوا متيقنين بعد من السلف المُشترك ولا يزالون يدورون في دوائر وحينها نتساءل: كيف يمكن لهذه النظريات أن تُدَرَّس كما لو أنها حقائق؟ [95]، ماذا عن القردة العليا التي اكتشفت في أمريكا الجنوبية؟ فوفقاً لنظرية التطور تُعتبَر أفريقيا مسرح العالم التطوري، وللإجابة عن هذا الاكتشاف المُدهش دعني أستعرض معك هذا السيناريو الذي يرويه العُلماء:

“قبل 36 مليون عام، وجدت مجموعة من القردة نفسها في المحيط الأطلنطي بعد هبوب عاصفة شديدة، إلا أنّ الحظ كان حليفهم فوصلوا أمريكا الجنوبية، حتماً هذا السيناريو يحتاج إلى الكثير من الخيال العلمي، فنحن لم نجد أبداً حفرية لقرد متعلقة بجذع شجرة في المحيط، لكننا نعلم أنّ هذه الأحداث لا بد وأنها قد حدثت في الماضي [96]”. وأقسم لكم أن هذا الكلام ممن يدّعون أنهم علماء وأنهم أهل الدقة والبحث.

ولكن أعزائي العُلماء ماذا عن الضفادع، والسحالي، وليمور مدغشقر، والقردة الإفريقية، والطيور والحشرات وغيرها، هل كلها يا للحظ ركبت المحيط في العواصف ونجت؟ لو قلت لي أكلها حوت يونس وأوصلها بسلام، أو أتى فضائيون ونقلوها لصدقت أكثر من هذا السيناريو.

المراد بالسطور السابقة هو توضيح أنّ التطور ما زال نظرية ولا شيء فيه نهائي، ولا يجب أن نعتمده بالشكل الواسع الذي يستخدمه العالم الآن، وما زال العُلماء يصنفون الإنسان والشمبانزي وإنسان الغاب والغوريلا والبونوبو تحت تصنيف القردة العليا، وسنرى أنّ الإنسان يختلف كلياً عن القردة العليا في كل شيء.

 سلف الإنسان الجديد

لعلنا سمعنا بقصة التقارب بما نسبته 98% بين البشر والقرود، والحقيقة أنّ الرقم كبير جداً!، إنّ نسبة تناظر الجينات بين القردة العليا والإنسان تشير إلى أنها لا تزيد عن 85% في أحسن تقدير، وأنّ 98% رقم كان قد ظهر لأنّ العُلماء قارنوا أجزاء من الدنا وليس الدنا كامل [97]، ولا شيء يضاف أكثر لإنهاء هذه الخرافة المنتشرة في ظل الأبحاث الحديثة والدقيقة. فشقائق النعمان لديها تكتلات في حمضها النووي كثيرة مشابهة لدنا الإنسان، بل وتبدو جينات الشقائق شبيهة بجينات الفقاريات بشكل كبير كما لو أنها فقاريات، وظهرت تلك التكتلات أقل شيوعاً بكثير في ذبابة الفاكهة والديدان الخيطية عنها في الفقاريات، ومع هذا لم يقل أحد أنّ شقائق النعمان تقرب للإنسان.

لكن، هل لو كانت كلمات جملة نفسها هي كلمات جملة أخرى باستثناء أنه قد تم ترتيبها بشكل مُختلف، هل هذا يعني أنّ كلا الجملتين تُؤديان الغرض نفسه؟ شكر خليل صديقه محمود، وشكر محمود صديقه خليل، الكلمات نفسها، لكن المعنى يختلف كلياً، وهذا ما نراه بين شقائق النعمان والإنسان، ولكن لا يذكر أحد التشابه، إلا أنّ التطور في حالات أخرى مُختلفة يذكر التشابه كما سنرى بعد قليل.

لا يجب أن نغفل عن أنّ اختلاف خلايا الإنسان من خلية عصبية إلى عضلية إلى كبدية إلى مئات أنواع الخلايا يعود إلى عوامل فوق جينية وليس إلى عوامل داخلية، لأن الدنا في كل هذه الخلايا متطابق بنسبة 100%، الدنا نفسه في كل خلايا الإنسان ومع هذا نرى الاختلاف العظيم في الشكل والوظيفة والأعضاء.

ولو كانت جينات الكائنات مُختلفة بالكامل ولا علاقة بينهما لربما سمعت جملة: أليس من المناسب لمن صممها أن يضع بعض اللمسات المُشتركة ليبين لنا وجود أرضية واحدة أو مخطط واحد يدل عليه قد انطلق منه!

وما دامت العلوم تصلح نفسها بنفسها فإنّ العُلماء العظماء يقولون إنّ لدينا دراسات جديدة الآن أقوى من السابق، وهي تعطينا مؤشراً أفضل، فدراسات أحدث تشير إلى أنّ الإنسان يشترك مع الفأر بنسبة 90% من جيناته، والدراسات الأحدث تشير إلى أننا نشترك مع الكلب بما نسبته 95% من جيناتنا، وأنّ الإنسان تطورياً أصله كلب.

لا أريدك أن تنصدم، ولا أريدك أن تقول أوووه إنّ كثيراً من البشر كلاب، وتتذكر صديقك الذي خانك، لا لا، هذا ليس مقياساً للعلوم، مقياس العلوم كبير، ولديه أدلة، فمثلاً يشترك الإنسان مع الكلب بما يزيد عن 350 مرض جيني، وهذا يعني وجود فعلاً قرابة لدرجة ليست بسيطة، ويشترك أيضاً ببعض الأمراض مثل خلل التنسج dysplasia وسرطان الغدد الليمفاوية lymphoma وحتى أنواع الحساسيات المُشتركة [98] [99].

دراسات أخرى تدعم هذا الاتجاه، مثلاً تطور جمجمة الإنسان من جمجمة الكلب أمر يرجحه العلم، دراسات حديثة تؤكد هذا الأمر [100]، لأنه يفسر كثير من الأمور بالنسبة للعلماء، وتتناقل بعض الدراسات أنّ الإنسان أيضاً قد يكون أصله دودة الأرض، فدودة الأرض أول كائن يحمل الهيموغلوبين في دمه لذا حتماً هي جد الإنسان، وتطورت الكائنات منها على شكل متدرج ومتشجر إلى أن وصل إلى الإنسان، لكن هذا السيناريو يفشل بسهولة إذا تتبعنا وجود الهيموجلوبين في الكائنات، إذ كانت بعض الكائنات الأقدم بكثير مثل بكتيريا Vitreoscilla تحتوي على هيموجلوبين أحادي [101]، فضلاً عن اختلاف لون ونوعية الدماء في سلسلة الكائنات الوسيطة، كيف يكون السلف دمه أحمر وتركيبه يختلف عن الابن الذي دمه أزرق أو أخضر أو بنفسجي ويختلف عن الأحفاد الذين دمهم أحمر مرة أخرى، هل قفز التطور من الأجداد إلى الأحفاد ولم يمر في الآباء؟ كيف؟ بالإضافة إلى أنّ نوعية الدماء مشتتة في الأجناس المُختلفة بشكل يشير إلى عدم وجود مسار تطوري صحيح بينهم، وانظر إلى (شكل 39 اختلاف ألوان الدماء بين الأنواع). ولترَ التعقيد الكيميائي والاختلاف الكامل في الشكل الكيميائي.


شكل 39 اختلاف ألوان الدماء بين الأنواع.

الخلاصة من هذا السرد السريع هو توضيح أنّ العُلماء لا يزالون مختلفين على أي بند من بُنود التطور، فدودة الأرض، والقرود والكلاب والموز وغيرها قد تكون أجدادنا.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *