نستطيع أن نرى بوضوح اختلاف الإنسان عن القرود، فتصنيف الإنسان من فصيلة القردة العليا أمر يجب أن يتغير، إنّ الإنسان كائن يختلف كلياً عن باقي الكائنات، وهذه بعض الاختلافات بين الإنسان والقرد:

  1. السير منتصباً على قدمين مترافقاً مع تعديل تركيب الحوض والمخيخ، والحقيقة أنّ الأبحاث التي تتطرق إلى هذه النقطة طويلة جداً ومدهشة وتجعل من المُستحيل التفكر في وجود علاقة تطورية بين البشر والقرود.
  2. قصر الذراعان واستطالة الساق مع يد أكثر تخصصاً، وأصابع مع بصمات تمتلك حاسة لمس فائقة، وهو أيضاً ما له أبحاث عديدة مدهشة، الإبهام وحده له أبحاث خاصة، فما بالكم ببقية اليد التي تملك قدرة عالية على التحكم والثبات والتحرك في فضاء واسع.
  3. الاختلاف في الحلق والبلعوم نتج عنه القدرة على النطق، وتعديلات النظام العصبي المركزي خاصة منطقة الفص الصدغي التي سمحت بالتمييز المُحدد للنطق.
  4. زوال الشعر عن الإنسان وبقائه في مناطق مُحددة.
  5. قرب المساحة بين العينين بما يكفي لإدراك المسافات ورؤية المجسمات ورُقي شبكية العين وبراعة رؤية الألوان المُختلفة.
  6. اختلاف في جهاز العضلي في كثير من النواحي، فللاستقامة والمشي منتصباً عضلاتٌ مخصصة.
  7. القدرة العقلية الفريدة والفائقة، فلا التخيل أو التضحية أو الأبوة في الحيوانات مجتمعة تضاهي جزءاً مما لدى البشر، ومحاولة التقريب كما فعل داروين بأن الكلام مثلاً لديها أمومة والقرود لديها أمومة وتضحية قريبة من البشر، أمر غريب!

أيّ قرب بين أخلاق وملامح وصفات الكائن البشري والكائنات الأخرى، الذكاء الاجتماعي والقدرة على القراءة والكتابة والتخيل والوصول للقمر والتفاضل والفيزياء والفن والموسيقى، وكيف جاءت الإضافات الهائلة في البراعة الحركية؟ والقفزة النوعية المتمثلة باللُغة والفكر المُجرَّد والفن؟ كيف لهذه الخلايا أن تكون قادرة على الإبداع، وأيضاً رغبتنا الملحة في التعاطف وفعل الخير والإصلاح [102]، هل يمكن أن يوضح أحد كيف للدماغ البشري من الأسلاف السابقة الشبيهة بالقرود أن يوسع مداركه؟ ويا حبذا أن يكون التوضيح والشرح مع بعض التفاعلات الكيميائية في الدماغ، كيف نتج عنها الوعي واتخاذ القرارات والتفكير والتذكر والأحلام، الخلايا في محتواها لحم وشحم ودم، من أين جاءت بهذا الإدراك الذي نراه!

وفقاً لما نشرته الأبحاث، فإنّ الاختلافات الجينية بين الإنسان والشمبانزي على أقل تقدير هي 35 مليون زوج من قواعد الدنا، وكما رأينا سابقاً، فإن تثبيت طفرتين فقط [43] يتطلب 100 مليون عام، أي أنه حسب تاريخ التباين التطوري من السلف المُشترك بين الإنسان والشمبانزي قد حدث ما بين 5 – 7 مليون عام، وهي المدة الزمنية التي يُفترض أن يختلف فيها الإنسان عن الشمبانزي ما مقداره 35 مليون زوج من قواعد الدنا عن طريق أدوات التطور، فهي بالكاد تكفي لتثبيت طفرة واحدة فقط، وماذا عن كافة الاختلافات التي ذكرنا جزء منها، نحن نعلم أنها بحاجة إلى ملايين الطفرات البناءة المصممة، وليس طفرات عشوائية فحسب، لو أحضرنا بونوبو ووضعناه مليون سنة في مختبر مع علماء، لن يستطيعوا تطويره ليصبح ربع إنسان مثلاً.

بعد كل الحديث السابق بتنا نعرف أنّ الجينات ليست هي المسؤولة عن الهيئة والسُلُوك، ولو تطابق الكائنان بنسبة 90% فلا يعني أي شيء، الموز يتطابق بنسبة كبيرة معنا ونختلف عنه في كل شيء، فالجينات ليست هي الإنسان.

إنّ تعامل التطور مع البشر على أنهم حيوانات تطورت من القرود أدى لكثير من الجرائم في التاريخ، ففي كتاب أصل الإنسان يقول داروين: “المرأة أدنى في المرتبة من الرجل وسلالتها تأتي في درجة أدنى بكثير من الرجل”، بل وذهب داروين أبعد من ذلك حين قال “المرأة لا تصلح إلا لمهام المنزل وإضفاء البهجة على البيت، وهي بذلك أفضل من الكلب”.

يقول أستاذ تاريخ الطبيعة كارل فوجوت: “لقد أصاب داروين في استنتاجاته بخصوص المرأة وعلينا صراحة أن نعترف بالأمر؛ فالمرأة أقرب طبيعياً إلى الحيوان أكثر من قربها للرجل، ويقول أيضاً بوضوح أنّ “المرأة إعاقة تطورية حدثت للرجل، وكلما زاد التقدم الحضاري، اتسعت الفجوة بين المرأة والرجل، وبالنظر إلى تطور المرأة فالمرأة تطور غير ناضج” ووجد هذا الكلام قٌبولاً واسعاً من أنصار التطور، ولك أن تتخيل الأثر الذي لحق بالمرأة جراءه وتأخر البشرية بسببه، ولكن ماذا عن تأثيرها على الرجال؟

لعلنا نسمع بتفضيل الجنس الآري الألماني على باقي الأجناس، وهذا كان شعلة إضافية في الحروب العالمية التي أدت إلى مقتل ما يصل إلى 100 مليون إنسان، وتعامل كل من الألمان والروس بوحشية في الحروب لم يسبق لها مثيل، فمن مات مُجرَّد حيوان عادي لا قيمة له.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *