الحيوان الزومبي
رابط 13 Body Invaders | National Geographic |
على الرغم من جمال دبابير الزنبار الطفيلي Parasitoid wasp إلا أنها تحظى بدورة حياة شرسة مقارنة بالحشرات الأخرى، إذ تقوم أنثى هذا الدبور بالبحث عن ضحيتها لتبدأ بمهاجمتها على الفور بمُجرَّد أن تلمحها ويبدأ الهجوم بلسعة أولى بهدف تخديره ومنع مقاومته، وما إن تهدأ الضحية حتى تقوم بلسعه مرة أخرى، لكن هذه المرة برأسه وبسمٍ مُختلف عن السم الأول ليتسنى لها على إثره التحكم بالضحية، ثم تقوم بسحبه إلى حفرة كانت قد جهزتها مسبقاً لتقوم بدفنه فيها، تبقى الضحية حيّة طوال هذه الفترة إلا أنها لا تستطيع إبداء أي حركة أو مقاومة، في هذه الأثناء تبدأ اليرقة داخل جسم الضحية بالتهامها وهي حية حتى تكبر، وتخرج من جسمها حشرة بالغة مستعدة لإكمال دورة الحياة.
هُنَاك نوعٌ آخر من الطفيليات يقوم بمهاجمة الحلزون يدعى ليوكوكلوريديوم بارادوكسوم Leucochloridium paradoxum، يتحكم هذا الطفيلي بجسد وعقل الحلزون جاعلاً رأسه وقرونه بارزة للطيور الجارحة ليسهل عليها إيجاده واصطياده، وذلك عبر القيام بحركات متتالية يمكن ملاحظتها بسهولة، حتى تقوم الطيور بأكل الحلزون ويتكاثر الطفيلي ويكمل دورة حياته في داخل هذه الطيور.
رابط 14 Zombie Snails | World’s Deadliest |
أتساءل، كيف امتلك هذا الكائن البسيط هذه القدرة على الدخول إلى جسم الحلزون والسيطرة عليه بطرق كيميائية دقيقة، ومن ثم فهم أنّ الحركة بهذا الشكل ستجذب الطيور التي لها عيون، من أين له بكل هذه القدرة الخارقة للمنطق!!
رابط 15 ‘Zombie’ Parasite Takes Over Insects Through Mind Control |
تُلقب فطريات الأوفيوكورديسيبس بفطريات نملة الزومبي؛ لأنها تعمل على تغيير طبيعة النمل والحشرات التي تفترسها، إذ يبدو على الحشرة المصابة سُلُوكاً مغايراً عما عهدته الطبيعة عليها، مثل أن تمشي عشوائياً وتسقط بلا معنى، تغرس هذه الفطريات نفسها في دماغ وجسم الحشرات فتؤثر في وظائف الجهاز العصبي وحركات العضلات، وتدفع هذه الفطريات النمل إلى البحث عن مكان رطب وبارد كسطح أوراق النباتات السفلي وهي البيئة المثالية لتكاثر الفطر، دافعة النملة للعض على جانب الورقة، ثم تمنع عضلة فك النملة من تحريكها فلا تستطيع النملة أن تترك الورقة وتظل معلقة، لاحقاً تقوم الفطريات بقتلها لكي ينمو الفطر داخل رأسها، ثم تنمو أبواغ الفطر وتنفجر فتنشر الجراثيم التي تلتقطها مجموعات النمل الأخرى.
ويقوم دبّور الصرصور الزمردي بتحويل الصراصير إلى زومبي قبل أن تضع بيضها بعد أن تشل حركته مؤقتاً بواسطة سمها اللاسع، وتحقن مجموعة من السموم العصبية في دماغه، هذه السموم تمنع الحركات التلقائية والمُعقَّدة مثل المشي، ثم يكسر الدبور أطراف قرون الاستشعار الخاصة بالصرصور، ويسيطر على حركته بالكامل ليقتاده إلى عشّ قام بتجهيزه مسبقاً ليضع بيضه على بطن الصرصور، لتتغذى اليرقات على الصرصور بعد أن تفقس، ويظل الصرصور حياً لعدة أيام إلى حين تكوُّن الشرنقة، ولا يُبدي الصرصور أيِّ رغبةٍ في الهرب رغم أنّ أعضاءه تُنهَش.
أما طُفيليات الديدان الشعرية التي تعيش في المياه العذبة، تُصيب حشرات كالصراصير والجنادب لتنمو الدودة بداخله وتتغذى على أجزاء جسمه الداخلية، ثم تُنتج في مرحلة النضج بروتينات تقوم بحقنها في دماغ العائل لتتمكن من التحكم في جهازه العصبي، وفي ظل سيطرة الدودة يغوص العائل في الماء ويغرق المضيف، أما الدودة الشعرية فتخرج مواصلةً دورة حياتها في جسم عائل جديد.
بل حتى الكائنات الأولية وحيدة الخلية مثل التوكسوبلازما تقوم بهذا الدور، فهي تصيب الخلايا الحيوانية مثل خلايا القوارض، إذ تفقد الفئران والجرذان والثدييات الصغيرة غريزة الخوف من القطط ويجعلها تنجذب أيضاً إلى رائحة بول القطط لتزيد احتمالية وقوعها كفريسة، ثم تنتقل معه إلى أمعاء القط وتتكاثر بداخل أمعاءه، ويسبب هذا الطفيلي داء المقوسات لدى القطط، ويمكنه الانتقال إلى البشر مسبباً أمراضاً كثيرة [141].
وهذا ما يجعلنا نتساءل دائماً، من أين لتلك الكائنات الدقيقة هذه القدرة العالية جداً على السيطرة؟ من أين لها هذا الفهم الدقيق لأعصاب وعقول وآليات عمل الكائنات الأخرى لتتمكن من السيطرة عليها!
اترك تعليقاً