تتكون دورة حياة البلهارسيا من مرحلتين: مرحلة في العائل الأساسي (الإنسان) ومرحلة في العائل الوسيط (القوقع)، تبدأ المرحلة الأولى بالتزاوج ثم تعيش الديدان الصغيرة في الأوردة الكبدية لفترة تقدر ب 5 – 8 أسابيع إلى أن تنضج الذكور جنسياً، يحمل الذكر أنثاه في قناة الاحتضان التي من دورها تهيئة الأنثى لنضج أعضائها التناسلية وتضمن حدوث التزاوج حتى تقوم بوضع البيض وهي مستقرة بداخله، لاحقاً، تضع الأنثى البيوض في الأوعية الدموية حتى تمتلئ الواحد تلو الآخر، وتحتوي هذه البيوض على شوكة لتُثبِتها في جدران الأوعية الدموية، في حين تعمل القشرة على إفراز مواد تُذيب الأنسجة لتساعد البويضة على اختراق جدار المثانة أو المستقيم لتصل إلى تجويفهما ومنهما إلى خارج جسم الإنسان [143].
شكل 52 دورة حياة البلهاريسيا.
تأتي المرحلة الثانية من دورة الحياة بعد أن تنتقل البيوض إلى الماء العذب، حين تخرج يرقات الميراسيديوم كاملة النضح، ويبحث الميراسيدوم عن العائل الوسيط (القوقع) المناسب له في غضون 30 ساعة وإلا فإن مصيره الموت، يخترق الميراسيديوم الأنسجة الداخلية للقوقع المناسب له ويتحول إلى كيس جرثومي يُسمى الإسبروسيست لتبدأ خلاياه بالانقسام لاجنسياً، إذ ينشأ جيل ثاني من الإسبروسيست ليترك الكيس الجرثومي بعد تحولها إلى يرقات تسمى السركاريا (الطور المعدي) الذي بدوره يخترق طبقة جلد للإنسان، فتتجه الأسبوروزويتات إلى الكبد مباشرة، وتقوم بقضاء فترة الحضانة لتلك الجرثومة بالكبد، ويتم فيها التكاثر اللاجنسي وتنقسم النواة وينتج عنها الميروزويتات، ومن بعد ذلك تنتقل إلى مجرى دم جسم الإنسان وتقضي فترة يتم فيها مرور عدة دورات لاجنسية، ينتج عن ذلك التكاثر “الميروزويتات” بعدد أكبر من التي تم إنتاجها في المرحلة السابقة.
تمكث الميروزويتات في جسم الإنسان، في مجرى الدم تحديداً لتعمل على تفتيت كريات الدم الحمراء مسببة ضرراً جسيماً، إلى أن تقوم بعوضة بلدغ الإنسان لتنتقل الميروزويتات إليها فتحمل البعوضة العدوى، وبذلك يتم نقلها لأشخاص آخرين، بعد ذلك يتم تحرير الأسبوروزويتات وتتجه في طريقها إلى الغدد اللعابية في البعوضة وتكون على هيئة أشكال حلزونية دقيقة للغاية، وتكون جاهزة للانتقال من خلال الجزء التي تقوم البعوضة باللدغ به وعبور جلد الإنسان وصولاً إلى مجرى الدم، لتعيد الدورة السابقة من جديد.
شكل 53 دورة حياة البلهاريسيا.
وفي الحقيقة لا أعلم أدق من هذا التصميم الهندسي المتكامل، دورة حياة في 3 كائنات بعدة تحورات كاملة، وكأن البلهاريسيا صُممت لتناسبها، وأي انقطاع في أي كان منها لانتهت البلهارسيا، ولا مجال للتطور في هذا الأمر، أعتقد أنّ الصورة واضحة من تكرار نقاش استحالة تطور الأجزاء على حدة، ولا يمكنني إلا أن أقول، سبحان المهندس!
اترك تعليقاً