السببية

بطبيعة العقل البشري وصيرورة الأحداث في حياته فإنه يحلل الأمور ويحاول فهمها ثم يكوّن الروابط بين الأجزاء، لقد رأى العقل خليل يكسر الزجاج، فعلم أنّ الزجاج لكي يُكسر لا بد له من كاسر، ولو رأى غداً زجاجاً مكسوراً سيربط الأمور كما رأى سابقاً ويقول لا بد أنّ شخصاً ما قد كسر الزجاج، قد يكون خليل أو غيره، وقد يفكر ويقول حسناً لا يوجد أحد هنا لذلك قد يكون من كُسِر من قبل أحد الطيور أو صدى الصوت إذا كان يعرف القليل من الفيزياء وغيرها من الاستنتاجات، سواء فهم الإنسان العالم بعقله أو أدركه بحواسه فهو يعرف أنّ هُنَاك سبب أو علة لأي حدث في الوجود فلكل سبب مُسبِّب.

قال أرسطو إنّ غاية العلم هي معرفة الأسباب، وفعلياً مبدأ السببية Causality من أهم المبادئ التي قامت عليها العلوم الحديثة، لأن العُلماء يؤمنون أنّ الظواهر مرتبطة بقوانين ذات مسببات مُحددة، لذا يمكن التنبؤ بالنتائج نفسها إذا وقعت الأحداث نفسها، وقد أماطت الفيزياء الحديثة اللثام عن العالم حول كونه مبنياً من معادلات فيزيائية، إذ يمكن قراءتها وإعادتها من اليمين إلى اليسار أو من اليسار إلى اليمين، ومع وجود محاولات متعددة مُختلفة حول تفسير السببية إلا أنّ محاولات تفسير السببية تنبع من مجتمعين لا ثالث لهما هما:

  1. جمعٌ يحاول إثبات السببية لإثبات أنه لا بُدّ للأشياء من مُسبِّب وهو الخالق.
  2. جمعٌ يحاول نفي السببية لإثبات أنه لا مُسبٍّب للأشياء.

والحقيقة أنّ كلا الفريقين يستعرض وجهة نظره بالقياس على أمور مُحددة، فالسببية تنطلي على أشياء معينة عقلية أو حسية في الوجود، والانتظام أو الترافق أمرٌ آخر في مكونات أخرى، وقوانين الفيزياء عكسية في أحيان، وفي أحيان غير عكسية، وفي أحيان أخرى لا معنى لها.

وإذا كانت الظواهر واضحة لي فقد تكون غير واضحة لك، ودون أن أقدم لزوجتي هدية فإنها ستعد لي الطعام الذي أحب وستقابلني بوجه بشوش، أكيد حضرتك عزيزي غير المتزوج يا من تشاهد هوليوود تعتقد أنه يجب تقديم هدية لرسم الابتسامة على وجه زوجتك، وهذا استنتاج عقلي أو ذهني، أما أنا صاحب التجربة فلدي استنتاج بعد تجربة وبعد حاستي التذوق والملمس التي مررت بهما، وهي ناتجة عن الانطباعات الحسية التي خضتها سابقاً، فالتجربة لا تعطي لأحكامها كليّة حقيقية وصارمة، بل تمنحها كليّة مفترضة ومقارنة من خلال الاستقراء عبر منحنا كلية عمومية في كل ما شاهدناه حتى الآن، وما شاهدناه حتى الآن هو الذي يُعطينا الثقة بأنّ ما توصلنا إليه من عموميات كلية، إذ لم نعثر على استثناء حتى الآن لهذه القاعدة أو تلك، ولهذا يتم استخدام التعميم في سياق الحديث البشري، أما التخصيص فهو حالات خاصة، البشر يحبون الجمال لذلك يُحبون مونيكا بيلوتشي، أما من يحب القبح فهو حالة شاذة.

في كل الأحوال يعتمد البشر على السببية في كل تفاصيل حياتهم، بدءاً من وضع المنبه في الصباح ثم الإفطار للاستقواء وارتداء الملابس لنبدو بمظهر مناسب، والخروج إلى العمل لكسب قوتنا، مروراً ببراهين المحامين واستنتاجات القاضي ومخرجات كود المبرمج وحقنة الدواء من الطبيب … إلخ، ولا أعلم موضع لم ينجح قانون السببية بتفسير ما حدث به إلا في حالة الإيمان والمعجزات، وحالياً مع تطور العلوم بدأنا نفك لغز المعجزات، مثل السير على الماء والولادة من أم وشق البحر والنجاة من النار وعلاج المرضى وغيرها، أصبحت المعجزات لعبة بين يدي الأطفال، تخبرني أن مريم بنت عمران كان عندها معجزة وهي كون فاكهة الشتاء في متناولها في الصيف فأقول لك هل تمزح معي، حتماً كان لديها ثلاجة سامسونج!

بل حتى الدين يقول إنّ قانون السببية سار على الأنبياء ولو لم يأخذوا بالأسباب لفشلوا وانتهوا، فإن تقرأ تنجح، وإن تزرع تحصد، وإذا تعرضت للغرق وكنت لا تجيد السباحة فإنك حتماً ستموت لو لم تحصل على تدخلات خارجية، والعلم التجريبي مبني بشكلٍ كامل على السببية، بل كل المعارف البشرية قائمة على السببية، وقد ثبت العُلماء في أذهانهم أن للكون قوانيناً منتظمة يحاولون من خلالها فهم الكون وآلية عمله، وإلا ما الفائدة من البحث عن القوانين لو لم يكن الكون منتظماً، والسبب نفسه سيفضي إلى النتيجة نفسها، لا نضمن أنّ الشمس ستشرق غداً ولكن الظاهر من القوانين الحالية أنها ستشرق غداً وإلا سيكون الكون فوضوياً وليس كما نراه ونتنبأ به.

آلية السببية

السببية هي علاقة بين حدثين، السبب والأثر، والأثر نتيجة للسبب، لذا يجب على السبب أن يكون سابقاً للأثر، والمفهوم الفلسفي للسببية يُعنى بفهم العلاقة بين السبب والأثر، من ناحية القوانين والظواهر والمفاهيم والتسلسل، وكان طاليس قد فسر بمبدأ العلة حركة الكون واعتبر أن لكل متحرك محرك، وقطعاً لا بد أن ينتهي الحال بمتحرك ليس له محرك، وهذا أيضاً ما نقله الفارابي بنكهة إسلامية، وأضاف إليها أنّ العلة الأولى علة مرتبطة بالوجود الأساسي وأنها أساسية ودائمة، إذاً فهي علة بلا علة بل هي موجودة بذاتها وليس بغيرها، وانتهى الأمر بهيدجر الذي أكمل الطرح قائلاً أنّ العلة هي السبب الكامن وراء وجود كل الأشياء، ولا شيء في هذا الكون موجود دون علة، وهذا أمر بدهي ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بعقولنا وآلية عملها، وما دام العقل مُشترك بين جميع الناس، إذن يُمسي مبدأ العلة مبدأً إنسانياً أولاً وعقلياً ثانياً، ومبدأ العلة لا يحتاج إلى تفسيرٍ إضافي لكي يفهمه البشر، لأن العقل البشري مجبولٌ على فهم العلة في ذاته وهذا ما أكدت عليه الفلسفة الوجودية لاحقاً حينما قالت إن الوجود هو العلة والعلة هي الوجود، ولا ننسى أنّ هُنَاك فرق بين السبب والعلة فكيف حدث الأمر يتم بالسبب، ولكن لماذا حدث الأمر هي العلة منه.

ثَمّة مُشكِلة حقيقية في السببية يجب فهمها، فالشيء إذا تكرر ارتباط وجوده بشيء آخر سُمي في عالمنا بأنه سبب له وهذا ما يُعرف بمبدأ السببية، وهذا صحيح إلى حدٍّ ما لكنه ليس دقيقاً، فمثلاً نحن نعرف أنّ تكرار سطوع الشمس كل يوم يرافقه إنتاج المخابز للخبز الطازج، ولكن هل سطوع الشمس هو سبب إنتاج الخبز؟ هل البرق هو سبب الرعد؟ الترافق أو التتابع أو التجاور لا يعني السببية أو الارتباط لا يقتضي السببية Correlation does not imply causation، هذا الكلام صاغه الغزالي ثم تبعه الفيلسوف دايفيد هيوم فالغزالي ينفي السببية العادية وهيوم ينفيها بالمطلق، فهيوم يرى أنّ بعض الأحداث تكون منتظمة دون سبب.

ويُضيف هيوم: إنّ رؤية أي شيئين أو فعلين مهما كانت العلاقة بينهما، لا يمكن أن تعطينا أي فكرة عن أي ارتباط بينهما، والتكرار لا يكشف ولا يُحدِث أي شيء في الموضوعات، هو فقط يؤثّر في العقل عبر الانتقال المُعتاد الذي يُحدثه، وإنما نحن نلاحظ الواقعة الحادثة، ونعتقد تبعاً لهذا الارتباط المستمرّ، وأن الأشياء تتّحد بالضرورة في الخيال، فإذا حضر أحد الانطباعين قفز إلى أذهاننا زميله المرتبط به كما اعتدنا.

وفي الحقيقة يرى الغزالي وهيوم أنه لا توجد علاقة حقيقية بين ظاهرة السبب والمسبب إلا فقط ما لاحظه الناس ثم قاموا فربطوا بين الحدثين لأنهما اقترنا زماناً ومكاناً، وهو لا يعدو إلا أمراً افتراضياً قائماً في الذهن البشري، لأنّ العقل يعمل بهذا الشكل وهو ما يُسمى بـتداعي المعاني، لأننا رأينا هذا الأمر مسبقاً فقد اعتدنا عليه لا أكثر.

يرى الغزالي أنّ إطفاء الماء للنار وإحراق النار للأشياء، ليس أسباباً ومسببات، لكننا تعودنا على هذا الحدث حينما نقرب القطن نحو النار ويحترق مباشرة، كما تعودنا على أنّ تقريب الماء من النار يتبعه انطفاؤها، ومع هذا فإنّ الماء ليس هو سبب إطفاء النار، ولا النار سبب إحراق الثوب، بل أنّ الفاعل في كل الأحوال هو الله، وهو قادر على تغيير هذه العادة، بالطبع لم ينكر الغزالي علاقة السبب بالمُسبِب، بل أراد أن يذكرنا بوجود خالق للأسباب.

جميع الآراء حول السببية صحيحة، ولكن لكل منها مستوىً خاصاً، فظاهرياً بل وعلمياً السبب والمسبب مرتبطان، فنحن نعلم الآن أننا حينما نأكل يمتص الجسم الطاقة من الغذاء وتستخدمها الخلايا في إنتاج ما تحتاجه إلى نهاية السلسلة الكيميائية، ولكن فلسفياً نحن لا ندري لماذا يحدث هذا! يحيلنا هذا إلى ما أراده الغزالي في مغزاه، وهو وجود قدرة أعلى هي من تسبب الأسباب التي لا نعرف لماذا تحدث بهذه الدقة بعد الترافق، وهذه القدرة سمِها ما تشاء إلى أن نعرف السبب الحقيقي للعلة ومنشئها.

على مستوى حاسة البصر نحن نبصم بأصابعنا العشرة على أنّ السبب والمسبب مرتبطان، لكن على المستوى الفلسفي أو الحقيقي بعد تشغيل عقولنا لا ندري لماذا حصل هذا، إنما اعتدنا أن نؤمن أنّ الكون يسير بنظام وقوانين تتابعية كما أرادها المخرج.

وهذا يعني أنّ هذا القانون هو من نتاج المصمم، والمصمم هو من يمتلك قدرة تسيير الواقع كيفما يشاء وهذا يقودنا إلى استنتاجات أخرى، مثل أنّ للمصمم قوانينه الخاصة التي تسري على عالمه، قد تتشابه مع عالمنا وقد لا تتشابه، أيضاً يمكن لهذا المصمم أن يتلاعب إن أراد في صيرورة العلة في هذا الوجود.

أيضاً، يقودنا هذا إلى أنّ العلم التجريبي كله غير صحيح قياساً لأننا نعتمد فيه على الترافق فيما نلاحظ وليس السبب الحقيقي للعلة، وهذا ما يضع كل معارفنا العلمية والحسية في مهب الريح، ويعيدنا إلى فكرة أنّ الإنسان بعقله لا شيء، بل مُجرَّد آلة تسير كما أراد لها المصمم أن تكون، آلة تافهة مسيرة لن تخرج أبداً لتصل إلى العلة الحقيقية لأي شيء كان، فلا تطمع كثيراً ولا تفكر فيما هو أعلى منها، بل عليها أن تفكر في نطاق حدودها المرسومة.

نلاحظ أنّ كل من المُؤمِنين والماديين يتلاعبون بالأسئلة حول الخالق، فيقول المُؤمِن “من خلق الكون؟” وهذا افتراض بأن الكون مخلوق، فيقول المادي “كيف أتى هذا الكون؟”، فيرد المُؤمِن بسؤال أشد مكراً: “ما سبب بداية وجود الكون؟” وتتوالى التراشقات بهذا الشكل، لنعود إلى فكرة عرضناها مسبقاً وهي أنّ للكون بداية أدّت إلى نشوئه وهي الانفجار العظيم، وأنّ الكون ليس أزلياً، أي له بداية، وكل صاحب عقل يسأل ماذا قبل، يجيب الماديون بأنه حتماً كان هُنَاك شيء قبل (لاحظ اعتمادهم على السببية) أو يقولون متحذلقين: لا ينفي الانفجار العظيم وجود شيء سابق (تلاعب لفظي للابتعاد عن السببية، لكنه يا عزيزي سببية مقنعة رغماً عنك) وهذا يعيدنا إلى الدماغ البشري الذي لا يتوقع إلا وجود سبب سابق لحدوث الشيء، الكرسي صنعه النجار لا محالة، أو أنّ الكباب على الطاولة قد وضعه شخص، لا يوجد خيار آخر.

رسم توضيحي 59 تدحرج السببية، لا بد للسبب من مُسبِّب.

ولكن يمكننا أن نتفق هنا أننا والعُلماء نصف ما يحدث في الطبيعة ولا نفسره، لا محالة إلا للتسليم بالسببية، فالعقل لا يمكنه فهم الأشياء دون مبدئها، صحيح أنّ شروق الشمس ليست غايته فتح المخابز لكن المخابز تفتح بسبب شروق الشمس، هذا على الأقل ما اتفق عليه البشر، ولو لم يفتح أحد المخابز يوماً سيكون هُنَاك سبب آخر أقوى من سطوع الشمس، كالمرض مثلاً، حتى لو لم ندرك الأسباب الظاهرية لهذا الأمر.

ولهذا أسئلة مثل: من برمج المبرمج أو من خلق الخالق أو من فعل الفاعل، تشبه سؤال من وصل قبل الأول! فهذا سؤال غير صحيح على الإطلاق على الأقل حسب العقل البشري، فلا يوجد من وصل قبل الأول، ومن ثم يتضح أنّ سؤال من خلق الخالق سؤال غير صحيح فلا يوجد من وصل قبل الأول، وتتوقف عند أول السلسلة المنطقية للأسئلة، ولذلك يُسمي المُؤمِنون الخالق بواجب الوجوب، أو الأول الذي لم يصل قبله أحد، هو الأول ننطلق منه ولا يُنطلق عليه، مثل أن تقول لفظة خارج الكون فلا يوجد شيءٌ فيزيائيٌ خارج الكون، وهنا عزيزي العقل عليك أن تُسلّم بأنك لا تتخيل من قدِم قبل الأول، وهذا أمر طبيعي ولا داعي للحرج منه، فالاستدلال خارج الزمان أو المكان هو أمر خارج عن قدراتنا، والزمان موجود بعد الانفجار العظيم كما هو المكان.

رأى الفيلسوف ابن سينا أنه يجب أن يكون هُنَاك قوة واجبة بذاتها، والعالم الحالي هو ممكن بذاته، وواجب بغيره (بالله) وهذا الإله هو واحد لا يصدر عنه إلا واحد هو العقل، والكثرة إنما تبدأ بهذا العقل الأول، وحينما نتعقله بعلته يصدر عنه ثالث، عقل يدبر الفلك الموجود، وبتعقله لذاته تصدر عنه نفسه.

يحاول أرسطو أن يفسر السببية بالتفكير في الغائية Teleology، فهو يُسلّم أنّ لكل سبب غاية، فحينما كسر محمد الشباك كسره لغاية وليس اعتباطاً، والأمر يتعدى البشر بل حتى الطبيعة، فحينما تمطر السماء، بعيداً عن السبب المادي من تجمع وتكثف بخار الماء، إلا أنها تمطر ليرتوي الزرع والحيوان، ولماذا أيضاً؟ ليستفيد الإنسان سيد المخلوقات في النهاية، الأمر أشبه بفكرة المبدأ البشري، وهذا يجعلنا نفكر ببساطة لماذا تتجمع الأسماك سوية في المحيطات، علاوةً على أنّ السبب المادي هو حماية أنفسها أو غيره، فالغاية هي أن يصطادها الإنسان بسهولة، قد تبدو الفكرة ساذجة، لكن التفكير بهذا الشكل يجعل لكل سبب في الدنيا متبوعاً بغاية نعرفها أو لا نعرفها، ويرى أرسطو أنه ما دام لكل شيءٍ علة (على الرغم أنّ المحركات لديه مجرد علة)، فإنه لو تتبعنا العلل إلى بداية الزمان فإنه لا بد من وجود علة أولى مسببة لكل العلل، ولهذا فإن التصميم الذكي يتوافق مع فكرة وجود علة، ويتوافق مع المنطق العقلي .

وبقي أن أشير إلى أنّ عدم تكرار حدوث الشيء هو الصدفة وليس التكرار، فتكرار موت من تم قطع رقبته هو من الأمور العادية، أما قطع رقبة أحد ما وعدم موته هو الصدفة، فالديمومة عكس الصدفة والصدفة هي الشيء غير العادي، وهذا يؤكد أنّ السببية هي الأساس لفهم الكون مهما حاولنا التفلسف، وعثورنا عدة مرات على عظمة (أ) في طبقات الأرض السحيقة قبل عظمة (ب)، لا يعني أنّ عظمة (ب) ظهرت من (أ)، في هذا الأمر يمكن أن نقول أنّ التتابع أو الارتباط لا يعنيان السببية.

إنّ التفكير في عدم وجود مبدأ السببية يضعنا أمام عالم مُرعب، عالم يسير وفقاً لأهواء شخص ما لا نعرفه، المُؤمِنون يعرفونه ويطمئنون به، غيرهم يبحثون عن القوانين ليطمئنوا، لكن لنتفق أنه يستحيل العيش في عالم فوضوي بلا قوانين فلسنا المختار نيو أو أي متحكم علوي في النظام الحالي.


اترك تعليقاً