هُنَاك سيدة كبيرة في السن لديها مجموعة من الأبناء، يقومون على خدمتها، وهم على الحالات التالية:
- أحدهم يقوم بخدمتها لأنها تغدق عليه بالمال دائماً، أي أنه يخدمها طمعاً في خيرها.
- وآخر يقوم بخدمتها خوفاً من كلام الناس، وخوفاً من غضب باقي إخوته عليه، أي أنه يخدمها خوفاً من العذاب لا أكثر.
- وثالث يقوم بخدمتها حباً ولأنها أمه فيجب عليه أن يخدمها وليس لأي سبب آخر.
وحتى الذين يخدمونها دون سبب بل لأنها أمهم، هُنَاك نوعان منهم.
- النوع الأول: يخدمها دون سبب لأنه وجد المجتمع يفعل هذا فتعلم منهم وفعل.
- النوع الثاني: يخدمها لأنه بحث فيما قدمته أمه، ووجد أنها حقاً تستحق مقابل على ما بذلته، وأنّ ما يقدمه لها لا يساوي شيئاً حقيقياً مقابل جهدها، وهي أم تستحق كل التقدير والمحبة، وهو يفعل هذا الأمر عن قناعة.
ولله المثل الأعلى، أي ابن أنت؟
لذلك لا تأجرني يا رب، لا أريد حسنات معدودة.
ولكل عمل عملته في نفسي ولم يطَّلع عليه أحد، فعلته في السر ولم يُقدّره غيري، كنت أريدك يا ربي أن تراه، أنت فقط ولا أحد سواك.
أسألك يا ربي ألا تأجرني على عمل قط.
يا رب لا تسجل حسناتي، لا تزرع لي نخلة كلما أسبحك، لا تكتب ياقوتة كلما أضغط على نفسي لفعل الصواب.
يا رب، لا أطمع في أجرك، بل أسعى لكرمك.
أكرمني فلا أريد نخلات أو مجوهرات، أكرمني لأني أبحث عن رضاك.
أعطني مقابل الحب، ولا تعطني مقابل العمل.
إني دائم التقصير في عملي رغم سعيي المتواصل، لكن قلبي معلق بك، يسعى لرضاك، فلا تخذلني، وكن عند حسن ظني.
لذلك يرى كانط أنّ الضمير الأخلاقي لا يبرر ما يفعله لأي غاية، فمن يساعد الفقير لا يجب عليه أن يبرر فعلته، أو أن يقول يجب أن أساعده ليساعدني غداً شخص آخر لو أفلست، أو لأنه أمر مهم أمام الناس، إنك تفعله لأنك تعتقد أنه الصواب ويتوافق مع فطرتك التي وضعها الله فيك، والإنسان خليط من الحالات الثلاث، فأحياناً يملك القوة لفعل الصواب لذاته، أحياناً خوفاً من العقاب، وأحيان أخرى طمعاً في الثواب، وقد تتبدل المواقف والحالات، لكن الحالات فوق كلها دوافع لفعل الصواب.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.