المساواة

يجب المُطالبة بالعدالة بين الرجل والمرأة، وأما المُطالبة بالمُساواة بحُجة وحدة الأصل أمرٌ مناقض لقوانين الطبيعة، والعدالة تكمن في أن ينال كل جنس حقه، الحق الذي أقرته له الطبيعة، ورغم أنّ كل المخلوقات خُلقت من ماء، إلا أنه بنفس القوة والمنطق يوجد حقوق لكل نوع منهما يختلف عن الآخر، فحق النسور أن تحلق في الأعالي، وحق الغزلان أن تسير على الأرض، وإذا كان من المتعذر على الغزلان في سبيل المساواة أن تحلق في الأعالي، فقد يبدو أنها ترغب في مُطالبة النسور بأن تسير على الأرض، مع الفارق في القياس، وإنه لمن الظلم أن نطلب من السمكة أن تعيش خارج الماء لأن هذا مُستحيل جسدياً، وإنه لمن الإجحاف أن نطلب من السمكة أن تفكر في الطيران، فعقلها لم يصمم لهذا الغرض، بل صُمم للتفكير في السباحة وليس في الطيران.

وبالقياس من الظلم أن نطلب من المرأة أن تحمل الحجارة وتعمل في البناء، فجسدها لم يتم تهيئته لهذه العملية، بل هي مهمة جسد الرجل الذي يضج بالتستوستيرون والذي يبني العضلات ويصلّب الشرايين، صحيح أنّ هُنَاك أنواع من الأسماك تطير لكنها حالة استثنائية وليست القاعدة ولا نحكم بالاستثناء، كذلك لا يمكننا أن نطلب من المرأة ألا تكون عاطفية مع أبنائها أو أن تتحمل التفكير في مسائل نفسية مُعقَّدة في فترة الطمث أو الولادة، فجميع العُلماء يجمعون على أنّ الهرمونات تتغير وكيمياء الدماغ تنقلب في فترة الطمث، والمرأة لديها عمليات أخرى خاصة مثل الحمل والرضاعة ولا يمكننا أن نطلب من الرجل في المقابل أن يحمل وينجب، ولا يعني أنّ للرجل أثداء أنه يستطيع الرضاعة، من الظلم المساواة في العمليات النفسية والجسدية بين الرجل والمرأة، لكن إن رغبت امرأة أن تبني أو أن تحارب فلا بأس بهذا، فهذا اختيارها ومجهودها، والحديث هنا عن مساواة في الوظيفة، أما المساواة في واجبات الدين فهي واحدة بين الجنسين وهو أمر مفروغ منه.

ثم تنتقل الأسئلة نحو فكرة عدم المساواة في الميراث في الإسلام، مع أنّ الدين يرى أنّ الميراث يتم توزيعه حسب درجة القرابة ثم حسب الإقبال على الحياة حسب ما وضحناه، وليس بحساب الذكر والأنثى وحده، فالله يعطي في الميراث صغير السن الذي أمامه حياة ومصاريف وأعمال أكثر من كبير السن، مثلاً رجل توفي، وترك أباه وزوجته وابنته، تأخذ ابنته النصف، والزوجة الثلث، مع أنهما إناث، لهم أكثر من ثلثي الورثة وهُنَاك حالات تزيد عن 30 حالة ترث المرأة أكثر من الرجل أو مثله أو حتى هي ترث وهو لا يرث في حالات أخرى، والرجل مجبور على خدمة أخته وأمه وزوجته في الدين، وهم غير مجبورين بالعمل وجلب المال.

وفي أثناء مطالبات النساء بالمساواة، نسمع أصواتاً أخرى تطالب بعدم المساواة، إذ تقول إحدى النساء إنها لا تريد المساواة مع الرجل، بل ترغب في أن تكون امرأة بكامل أنوثتها وقوتها الخاصة، ويبقى الرجل بكامل خشونته وهيبته، فالمرأة ليست أهلاً للتساوي مع الرجل، لأن لكلٍّ خصوصياته العقلية والجسدية والنفسية، وهذا ما لا يتناسب مع تكوين المرأة الحيوي والتشريحي، والمرأة تقلل من ذاتها حينما تمحو هوية يجب في الأصل أن تفتخر بها، وعليها ألا تتطلع للخروج من تلك الذاتية، سوق العمل متاح للجميع في عصرنا هذا، والمرأة أثبتت قدراتها بشكل قاطع ولا مجال لتهميشها هنا، والدين فعل للمرأة ما لم يفعله لها غيرها.


اترك تعليقاً