فقه اللُغة
فقه اللُغة الغربي أو الفيلولوجيا هو علم تتبع الكلمات، وهو علم مليء بالظنيّة لأن التنقيب في أصول الكلمات أمرٌ مُعقَّد ومتداخل، ويُحذر إدوارد سعيد من محاولات صغار الفيلولوجيين اعتبار مقولاتهم مقدسةً ومرجعاً نهائياً، إذ من شأن ذلك أن يُحل الفيلولوجيا محل الحقيقة، أما هنا فنقبل من بعض المتفلينين العرب ما يقوله غير المختص في معنى ظني لحروف يجمعها حريصاً على مخالفة نصوص القرآن، ليقال عنه إنه يتكلم في (الفيلولوجيا) مع أنه ليس بفيلولوجي ولا لغوي ولا متسنن بما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف حتى كيف يقرأ القرآن.
في نظر أحد المتحذلقين يمكنك مثلاً أن تفسر جملة “مر من هنا” بأن المرور من المرارة، والمرارة تملأ الفم بطعم سيء، فهي من هنا تعني: ذاق طعم النساء فلم يعجبه، [183].
ويستطرد الفيلولوجي في تفسير )والفجر وليال عشر والشفع والوتر( الفجر هو الانفجار العظيم، والشفع والوتر هما الهيدروجين والبروتون، حسناً ما هو مرجعك الفيلولوجي لهذا الأمر! كيف تدعي العلم دون مرجع، معتقداً بذلك أنك أمهر من سيبويه والمتنبي والصحابة العرب أيام قريش والذين هم من أسسوا اللُغة العربية.
وبالقياس إنّ )“قل هو الله أحد( تعني أنّ الله خلق الدنيا يوم الأحد، الله الصمد تعني صامد يا حبيب، ولم يكن له كفواً أحد تعني أنّ الله يعطي الكفار كفوفاً يوم الأحد، وهذا التفسير يفعله غيري من المتفيلوليجين، فلماذا تعترضون على تفسيري! وإن لم يعجبك هذا التأويل انبرى لك من رعاياه من يقول لك: إنه رأيه، فهل تحجر على رأيه، فليكن هذا رأيه ولكن فليبتعد برأيه عن القرآن، إذ لا يستوي رأي جاهل في اللُغة مع رأي الطبري والقرطبي وسيبويه وأبي عمرو بن العلاء وأضرابهم.
سيقولون الصلاة بمعنى الدعاء وليست الصلاة الحركية المعروفة، فتسألهم ولماذا إذن كان يصلي الرسول مع الصحابة، مئات آلاف الناس رأوا الرسول وصحابته يصلون فصلوا مثلهم، ورآهم من بعدهم ملايين الناس وتناقلوها، إنها سنّة رآها جمع من الناس عن جموع غيرهم وتناقلوها، فلا مجال لأن تكون مدسوسة.
فيصمت ويقول لك: إنّ السنة لا قيمة لها، وكل ما فعله الرسول كان خاصاً بزمانه ولا يجب علينا اتباعه، فترد عليه إنّ كانت الصلاة في الإسلام غير حركية بل شفهية بالدعاء كما تدّعي فما حاجة الدين لكل هذه المساجد التي ذكرها الله مراراً وتكراراً وكررها الرسول وصحابته والسلف من بعده، ما حاجتنا للأذان وغيرها من التعليمات، لصلّى كل مُسلم في بيته حسب الوقت الذي يناسبه.
إن الشجرة في القرآن هي الشجرة في السنّة، هي الشجرة في الشعر، هي الشجرة التي تعرفها اليوم، أما من يخبرك أن الشجرة في القرآن مقصود بها الأنثى، وغيرها من الاستنباطات دون أصل واضح فلا تقبل كلامه، لأنه من غير المنطقي أن يتحول القرآن العربي المفصلة آياته إلى كتاب طلاسم لا يفهمه العرب أهله، وهم بحاجة إلى من يخبرهم: ما هي الشجرة بالضبط.
اترك تعليقاً