في الحقيقة، رغم التقدم الكبير في مجال علوم الكون إلا أنه لا شيء نهائياً فيها، فثَمّة اختلافات بين العُلماء في النظريات، مثل معضلة المعلومات Information Paradox، فالنظرية النسبية تقول إنّ المعلومات تختفي في الثقب الأسود، وعلى الجانب الآخر تقول نظرية الكم إنّ البيانات لا تختفي وتبقى في أفق الحدث، هذا يدفع العُلماء إلى العمل الدائم في محاولة البحث عن حل لهذه المعضلات.

نظرية كل شيء هي حلم العُلماء منذ عصر نيوتن، في كل فترة كانوا يعتقدون أنهم أطبقوا القبضة أخيراً عليها إلى أن يأتيهم من يقض مضاجعهم بنظرية جديدة، نظرية M أو نظرية كل شيء هي أمل العُلماء في حل كل هذه المشاكل، وهي تعتمد على نظرية الأوتار الفائقة في أساسها، هي تفسر أنّ الكون في أدق جزيئاته مكون من أوتار مُختلفة مثل وتر العود، هذه الأوتار تهتز بطريقة معينة فتنتج الجُسيمات الأولية التي نعرفها مثل الميزون والبوزون وغيرها، ولكن بنسب معينة.

تفسر هذه النظرية بعض المفاهيم الحالية، ولكنها تضع عقباتٍ أكبر في مواضع أخرى، وهُنَاك تعقيدات تَفُوق حتى عقول أكبر العُلماء، فنحن بالكاد تخيلنا كون من 4 أبعاد، فما بالكم بتخّيل كون من 14 بعداً، مشاكل التناظر المرآتي في أشكال كلابي ياو تجعلك تدخل في جحر أليس ولا تخرج منه، أما أكبر مُشكِلة لا يستوعبها العقل ببساطة هي الأكوان المتوازية التي أنتجها العلماء لحل مشاكل في النظرية، فأنتجوا عقبات غير مقبولة، لكن الحق يقال إنّ العالم ستيفن تراجع عن فكرة أنه يمكن للثقب الأسود أن يقذفك في كونٍ آخر، وتراجع كذلك عن وجود نظرية M واعترف بعدم جدواها.

إنّ التناظر العجيب في الكون في أبسط صوره يجعلنا نفكر بعمق؛ فالبروتون موجب والإلكترون سالب، وكلاهما يحملان الشحنة نفسها مع أن كتلة البروتون أكبر بما يزيد عن 1800 مرة عن كتلة الإلكترون، قد يخرج من يفسر هذه الصدفة العجيبة أنها صدفة واحدة تحدث في مليارات الأكوان المتوازية المُختلفة، وهي فرصة بعيدة بل خيالية، وبعيدة عن كونها علم، فالعلم جاء ليفسر ويبسط، لا ليضع نماذج مُستحيلة، وقد يخرج من يقول إنّ هذا التشابه في تكوين الذرة يساوي التشابه بين دوران الكواكب حول الشمس، وهذا دلالة على مصمم واحد لهذا الكون، كلها أفكار، ما الجدوى منها؟ لا أعلم حقيقة، لكن أشعر أنّ جدواها قريب من جدوى الكلام المكتوب هنا عن نظرية كل شيء.

أَتُراني كُنتُ يَوماً نَغَماً في وَتَرِ ….. أَم تُراني كُنتُ قَبلاً مَوجَةً في نَهرِ

أَم تُراني كُنتُ في إِحدى النُجومِ الزُهرِ ….. أَم أَريجاً أَم حَفيفاً ….

لَستُ أَدري


اترك تعليقاً