بعد إرساء أسس العلوم الطبيعية على العقل والتجارب العلمية والمشاهد الحسية، أمسى العُلماء يؤمنون في القرنين الثامن والتاسع عشر أنّ الكون ماديٌ بحت، وفور أن أثبت كوبرنيكوس أنّ الأرض تدور حول الشمس حتى انقلبت الموازين، وقد كان قرن كوبرنيكوس والقرن الذي يليه قرنين ماديين، يحاول العُلماء فيهما أن يفسروا كل حادث بعيداً عن العواطف والمعتقدات، وكان نتيجة ذلك فقدان الإنسان لقيمته العليا، فبدلاً من كون هذا الإنسان قد صنعه الله، قال علماء الطبيعة أنه نتيجة الصدفة، وبدلاً من أن يكون الكون مخلوقاً رأى العُلماء أنه أزلي، وبدلاً من أن تكون مجموعة الإنسان الشمسية مركز الكون، اتضح أنّ الكون مليء بالمجرات والنجوم، وبدلاً من أن يكون كوكب الإنسان مركز الكون، اتضح أنّ كوكبه كوكبٌ بسيطٌ يدور حول الشمس، إذن هذا الإنسان صدفة قد تتكرر في أي كوكب وفي أي مكان ولا شيء فيه مميز، هو حيوان ناطق أرقى من القرد قليلاً في بعض الأمور، لكنه يبقى حيوان.
وقد ذهب بعض العُلماء إلى ما هو أبعد من ذلك، مثل كارل ساجان الذي آمن بأن هُنَاك ملايين الحضارات المشابهة لنا على كواكب أخرى وفي أنظمة على مجرات بعيدة، وذلك استناداً إلى مساحة الكون الشاسعة، وتقول فكرة ساجان أنّ احتمالية تكوُّن شروط الحياة الملائمة في موضع آخر غير كوكب الأرض ممكنة، فما دمنا نتحدث عن كون يحتوي على أعدادٍ لا يمكن إحصاؤها من المجرات والكواكب، وكان بعض علماء الطبيعة بشكل عام يعتقدون أنّ أي كوكب يحتوي على ماء وطاقة وبعض المواد العضوية سيكون عليه كائنات مثلنا نحن البشر، ولربما بعضهم أرقى منا بكثير، فما زلنا نحن نتاج تفاعلاتنا الكيميائية ومصيرنا حتمي مكتوب في الدنا DNA ولا مفر من المكتوب.
لكن، ما لبث أن خرج التخطيط من العبث، والتفرد من التشابه، وكون من مصمم، وبدأت الأسئلة، وعلى رأس هذه الأسئلة السؤال الذي طرحه العالم فيرمي وسُمي لاحقاً بمفارقة فيرمي Fermi Paradox؛ إذ يتساءل العالم فيرمي عن فرص وجود حياة أخرى في هذا الكون الشاسع، وأين الحضارات الذكية، أين الكائنات الفضائية، ومنذ ذلك الوقت في العالم 1950م قامت العديد من المحاولات وحتى معاهد كاملة مثل SETI Institute؛ للبحث عن الحياة الذكية خارج الكوكب Extraterrestrial intelligence، وتم مسح الكون وذلك بمعدل ملايين الترددات في الثانية ولأكثر من ٥٠ عام، في محاولة جادة للإجابة عن هذا السؤال البسيط.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.