هي رسمة نظرية وضعها داروين يعتقد فيها تاريخ تفرع الكائنات من أسلاف سابقة (العلاقة الفيلوجينية)، يوضح فيها كيف تفرّعت الحياة وتطورت من كائن إلى آخر ومن سلف إلى سلف، تفيد هذه الشجرة في دراسة الأنواع وعلاقاتها الجينية والأبوية ببعضها البعض، وكان يأمل داروين دائماً أن تتضح الصورة باكتمال السجل الأحفوري، ولكن ما حدث لاحقاً هو أنّ السجل الأحفوري لم يأتِ بأي اكتمال فلقد كان العصر الكامبري في أيام داروين هو أقدم العصور المكتشفة في عام 1859 [47].

ما يبعث على الضيق أنّ لشجرة الحياة صوراً مُختلفة ومسارات متشابكة وعدة رسومات، ولا شيء ثابت فيها، وهي تتغير شبه سنوياً، قد أتقبل هذا الأمر على أنه نظرية، لكن ما لا أتفهمه هو اعتماد العُلماء المُؤمِنون بالتطور هذا الأمر كمُسلمة علمية ثابتة، نحن في التطور ما زلنا في مرحلة النظرية، ولم نعتمد قواعد نهائية بعد.

ويطالب العُلماء المُؤمِنون بالتطور ممن ينتقدونها أن يقدموا شجرة أفضل! والحجة دائماً على من ادّعى وليس على الطرف الآخر، يخبرني صديق أنه كان مع مونيكا بالأمس، فأخبره لا أصدقك، بل وأطلب منه أن يعطيني دليل، هل رآكم أحد، هل هُنَاك صور؟ لا أتوقع منه أن يخبرني أعطني دليلك على أنني لم أكن برفقة مونيكا، هذا غير منطقي، ولا هزل فيه.

حاول العُلماء المُؤمِنون بالتطور لاحقاً الاعتماد على التحليل الجزيئي والساعة الجزيئية في الكائنات كعمادة لشجرة التطور، كذلك بعد فهم الشفرة الوراثية لأول مرة أتت فكرة أنه من الممكن استخدام تسلسلات الدنا ومقارنات البروتين لبناء الأشجار التطورية، ويا حبذا لو كانت الأشجار المبنية على الأدلة الجزيئية تطابق تلك الأشجار المبنية في الخصائص التشريحية، سيكون أفضل دليل متاح على حقيقة الأنموذج الشجري للتطور الكبروي، لكن لم يتفق العُلماء بعد على أي شيء يساهم في دفع شجرة الحياة إلى الأمام.

والساعة الجزيئية Molecular clock هي تقنية تحليل وراثية تعتمد على الفكرة القائلة أنّ الطفرات تحدث بتتابع وبنمط مُنتظم على فترات طويلة من الزمن في جينوم الكائنات الحية، ولهذا يمكن اعتمادها كطريقة رياضية ليتمكن العلماء من محاولة تقدير الزمن الذي انفصل فيه نوعان عن سلفهما المشترك أثناء التاريخ التطوري [48].

صدقاً، كيف يفعل العُلماء هذا الأمر؟ كيف يقومون ببناء الشجرة بالاعتماد على الجينات، وعلى فرضية أنّ هذا أفضل ما توصل إليه العلم، تتم الطريقة ببساطة بأن يختار العُلماء جيناً ما أو مجموعة من التسلسلات الجينية الموجودة في العديد من الكائنات، ويتم تحديد تسلسل النيوكليوتيدات داخلها، ويتم بناء الشجرة التطورية لاحقاً بمبدأ أنّ الأنواع الأكثر تشابهاً في تسلسل النيكليوتيدات الأكثر قرابة وارتباطاً ببعضها البعض، يبدو الأمر سهلاً نظرياً، لكنه صعب عملياً.

نشرت مجلة نيو ساينتيست [49] مقالاً بعنوان: لماذا كان داروين مخطئاً بخصوص شجرة الحياة تبين فيه ظهور مشكلات عديدة حين قام علماء البيولوجيا الجزيئية بتحليل الجينات لأشكال الحياة الأساسية الثلاثة وهي البكتيريا والبكتيريا القديمة وحقيقيات النواة، فلم تسمح هذه الجينات لهذه الأشكال الأساسية للحياة أن تنتظم في شكل شجر، فقد توقع الجميع أنّ قياس تسلسلات الحمض النووي سيؤكد الشجرة المبنية على الرنا لكن ذلك نجح في مرات قليلة وفشل في أغلب المرات، ولتوضيح النتيجة فقد حصلت التحليلات على تحليل الرنا للكائن أ أقرب إلى الكائن ب من الكائن ج، ولكن الشجرة المبنية على الحمض النووي تشير إلى العكس.

ويوضح التقرير أنّ الأبحاث تشير إلى أنّ تطور الحيوانات والنباتات لا يشبه الشجرة، هذا النوع من التضارب دفع عالم الكيمياء الحيوية التطوري فورد دوليتيل إلى أن يقول: “التطور السلالي الجزيئي قد فشل في إيجاد الشجرة الحقيقية، ليس بسبب عدم ملاءمة الطريقة العلمية أو اختيار الجينات الخاطئة، وإنما يرجع ذلك إلى أنّ تاريخ الحياة لا يمكن أن يُمثَّل في شجرة بشكل ملائم [50]”، وتشير إحدى الدراسات التي تمت في 2009م إلى أنّ التحدي الرئيسي في دمج الكميات الكبيرة من المعلومات في الاستدلال بأشجار الأنواع هو أنّ تاريخ الأنساب المتضاربة في كثير من الأحيان موجود في جينات مُختلفة في جميع أنحاء الجينوم [51].


اترك تعليقاً