تفهمنا أنه لا بد للكون من مصمم، ولكن ماذا يريد منا هذا المصمم في المقابل، في أسوأ الظروف لا يريد منا أي شيء، خلقنا دون هدف واضح، ولكن نحن المخلوقين نحب أن نعرف عنه كل شيء، نرغب في البداية أن نعرف اسمه، ثم أن نعرف ما هي صفاته لكي نفكر فيه، وغالبا في لحظات الضعف والضيق التي نمر بها ولا نعرف إلى أين نلجأ قبل الانتحار، نفكر أن نلجأ لقوة عظمى، للمصمم العظيم، نريد أن نخاطبه، في لحظة الضيق هذه ماذا نقول له؟ كيف نخاطبه؟ يا مصمم صمم لنا وضعاً أفضل، أو احذف عنا الحزن أو بطّئ علينا مصائبنا، أم ماذا، كيف أخاطب ذاتاً لا أعرف عنها شيئاً!
لا محال إلا أن يعطينا من صمم هذا الكون على الأقل شيئاً، أن يرمي لنا كسرة على الأقل حتى لو كان قاسياً، أنا أحتاج لهذا، وليس العكس، أنا من يطلب منه أن يخبرني.
أخبرني صديق رُبوبي (يؤمن بالله ولكنه لا يؤمن بالأديان) أنه في لحظة ضيق شديد شعر بدنو أجله، فقرر التقرب إلى الإله، يقول حاولت التواصل معه لكني لم أعرف كيف! ماذا أقول وماذا أفعل! إنني لو أخطأت التعبير أمام وزير ما سيغضب ويصرفني! ثم تذكرت أنّ المُؤمِنين يتقربون من الخالق بالصلاة، فوقفت ولم أعرف ماذا عليّ القول وحينما سجدت شعرت أنّ قلبي يحاول قول شيئاً ما.
في هذه اللحظة المهمة، ماذا يقول الإنسان في حضرة الإله؟ يجب أن يعرف شيئاً ليقوله، وإلا لا معنى من الوجود في هذه الحالة، لا معنى لخالق لم يخبرنا كيف نحاكيه، لا معنى لصانع غسالة باعها دون دليل للاتصال به عند الحاجة.
كما رأينا فإن المُشكِلة الحقيقية تكمن في حصر العلوم بالعلم التجريبي وحده، متجاهلين وجود علوم وعوالم ومفاهيم أعم منه، علوم لا تخضع للمنطق، لدينا علم المنطق وهو علم عقلي قبل أن يكون تجريبياً، وكذلك الرياضيات، إنّ مفهوم العلم أوسع من العلم التجريبي، في الفصل القادم سنبحث عن إجابات حول علم منها، علم يناقش المسألة العليا.
قَد دَخَلتُ الدَيرَ عِندَ الفَجرِ كَالفَجرِ الطَروبِ … وَتَرَكتُ الدَيرَ عِندَ اللَيلِ كَاللَيلِ الغَضوب
كانَ في نَفسِيَ كَربُ صارَ في نَفسي كُروب … أَمِنَ الدَيرِ أَمِ اللَيلِ اِكتِئابي
لَستُ أَدري
قَد دَخَلتُ الدَيرَ أَستَنطِقُ فيهِ الناسِكينا … فَإِذا القَومُ مِنَ الحَيرَةِ مِثلي باهِتونا
غَلَبَ اليَأسُ عَلَيهِم فَهُم مُستَسلِمونا … وَإِذا بِالبابِ مَكتوبٌ عَلَيهِ
لَستُ أَدري
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.