يعتقد أينشتاين أنّ مصمم الكون لا يلعب فيه بالنرد، بل ويريح أينشتاين الاعتقاد بأن العالم يسير وِفق قوانين منتظمة مترابطة ولا يسير بشكل عشوائي. حينما يخبرني أحد العُلماء أنه من الممكن أن يكون هُنَاك نسخة مني في كوكب آخر، وتكون زوجتي غير زوجتي الحالية، ولي عدوي لدود هو المعلم رشدان، هذا أمر لا يجعلني مرتاحاً، ولا يجعلني أقول أَعظِم بالكون! يريحني التفكير بأن هُنَاك نظام وتناغم، وجود التناغم Fine Tuning أمر يجعلك ألا تخاف يوماً من الاستيقاظ وإيجاد نفسك على كوكب آخر من قبيل الصدفة، هذا التناغم بالكامل يبدو وكأنّه مخصص للإنسان سيد الكون الحالي، المجرة مبنية لتكون نافذته، والكوكب مصمم ليكون قصره، وباقي مكونات المكون مفصلة على هواه، وهو ما يراه عالم الفيزياء فريمان دايسون، مع أنّ الإنسان لا شيء في هذا الكون، إلا أنه يملكه بالكامل للأسف وهو لا يستحق.
ساد في القرن الثامن عشر جوٌّ من الاعتقاد بأنّ الكون مادي بالكامل، وأنّه أزليٌّ والعلم سيفكك كل شيفراته، وهذه النظرة القديمة تلاشت في القرن العشرين حين بدأت الاكتشافات تهل على كل الأصعدة، وظهرت نظرة جديدة منطلقها المبدأ البشري، وملخصها أنّ الكون قد صُمم خصيصاً للبشر، ليلائمهم ويستكشفوه، ذكرنا سابقاً أنّ ظروف المادية نشأت بدرجة أساسية نتيجة الصدام مع الكنيسة، وبعد أن فازت المادية بدأ العُلماء إرساء أسس القوانين الطبيعية وتكوين صورة أوسع، وقد ظهرت هذه النظرة للعلماء في جو من الصفاء.
وعلى هذا بعد أن كان الإنسان كائناً يعيش في كوكب متواضع يدور حول نجم عادي مثله مثل ١٠٠ مليار نجم آخر كما في النظرة القديمة للعلم، أصبح الآن في النظرة الجديدة يقوم بدور المشارك في مسرحية كونية عظيمة، إلى جانب المبدأ الإنساني والتأكيد على أنً جميع الأحداث الكونية منذ بداية الانفجار العظيم وما تلاه من أحداث قد صُممت لتسمح بوجود كائنات واعية في مكان ما في هذا الكون الشاسع، وفي فصل من فصول مسرحه، لكي يمارس الحياة فيه ويبدأ باكتشافه، كل هذه الأدلة حملت في طياتها الإقناع الكافي بنشوء تصور كوني جديد للعالم [2].
إنّ الصراع بين النظرة المادية والنظرة الإيمانية للعالم قد اقتربت من التلاشي في هذا القرن، الخلاف الذي كان دائراً سابقاً بين العلم والدين قد اقترب من الزوال، فالعلم متصالح مع نظرية الانفجار العظيم، ومتصالح مع عظمة جسم الإنسان، ومتصالح مع الأفكار التي تقول إنّ هُنَاك عقل ودماغ، والعقل ليس هو المادة الدماغية، وهذه النقاط كانت سابقاً أساس المشكلات، إنّ المبدأ البشري لكارتر ينص على أن الكون وثوابته الجوهرية لا بُدَّ أن تكون لتسمح بقٌبول مراقبين داخله في مرحلة ما، بمعنى آخر ما معنى وجود هذا الكون دون وجود أحد يفهمه ويستوعبه، ولا أحد يستوعب هذا الكون أقل من الإنسان.
وتذهب النظرية النسبية أبعد من ذلك، فالمُشاهد في النظرية هو أساس التجربة، وليس العكس، فالتجربة تتم لأنّ المُشاهد هو الذي ينفذها، بحواسه وعقله وإمكانياته وتأثيره، ولولا المُشاهد لما كان لأي تجربة أو عملية في هذا الكون أي معنى!
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.