الزواج
ولكن ماذا عن حُريّة الزواج في الإسلام؟ وشدة تعقيداته في إجراءات الزواج أليس مبالغاً فيها؟ حسناً، حرم الإسلام الزنا وحرم تبادل الأزواج وقيّد عدد الزوجات ومنع نكاح المتعة ومنع نكاح الحيوانات ومُمَارسة الجنس مع الجماد، وهذا كله لتبقى شهوة الإنسان في محلها الصحيح، في إطار الأسرة، بين الزوج والزوجة، ولا أي شيء خارج هذا الإطار، هُنَاك حديث “أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ“، الإسلام بعيد كل البعد عن الشهوانية، وهو الدين الأكثر تفهماً لها، لكنه يرى أنه يجب أن يتم وضعها في إطارها المُحدد فقط.
فللزواج في الإسلام وكل الأديان كذلك قُدسية عالية، الإسلام يرى أنّ الزواج ليس أمراً بسيطاً عابراً، بل أمر عظيم ولديه شروط وترتيبات وواجبات كثيرة، والدين يصعّب شروط الحصول على فتاة، ليعلم الشاب أنه لو أراد تجربة فتاة واستغلالها أنه سيكون عليه التزامات قاسية، فمثلاً لو حملت الفتاة فيجب على الرجل أن يتكفل بالطفل وبالنفقة عليه وعلى زوجته، وإذا أراد تركها، فيجب عليه التكفل بالمؤخر كتعويض نفسي وكمبلغ مقدم حتى تستجمع هذه الفتاة المكسورة عاطفياً نفسها، ومهر مقدم لتعرف أنّ الثمن غالٍ وهكذا.
نأتي في الزمن المعاصر ونتساءل عن جدوى هذا الكلام، فهل فعلاً لو أراد شاب فتاة، هل بالضرورة أن تحمل منه، إذ لدينا الآن العازل الفعال، وبهذا فقدنا سبباً من الأسباب التي ننادي بها، ولدينا في الغرب جمعيات ومؤسسات حماية ورعاية الأم، فلا تخاف على نفسها الفقر، ولدينا برنامج علاجي متكامل سواءً نفسياً أو اجتماعياً، كذلك لدينا فتاة هي من ترغب بالرجل، وهي من تبحث عن تلبية رغباتها، مستعدة جسدياً ونفسياً للقاء الحميم، فما علة إذن تحريم المصاحبة، وما علة تحريم الجماع بالاتفاق!
ونسأل بالمقابل هل حقاً سيتغير الجنس البشري وتصل نسبة طلب الفتيات من زملائهن الزواج إلى ٥٠٪ من حالات الزواج؟ غير متوقع هذا أبداً، وهل فعلاً أوروبا قادرة على البقاء إلى ما وصلت إليه، فكثير من الدلائل والمؤشرات تشير إلى وجود مشكلات حقيقية سواءً كانت اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية أثر هذا النمط من الحياة، وعلى رأسها قلة الإنجاب واستقبال المهاجرين من خارج أوروبا، وبهذا يكون معنى مهم لأحاديث التشجيع على الزواج والإنجاب لم نكن واعيين لها سابقاً، بل ولأننا تغافلنا عن حل سهل في الحياة هو الزواج، نتج لدينا عشرات المشاكل الجانبية التي نفكر في حلها ونغفل عن الحل السهل، الزواج!
ولعل الشاب حينما يعلم بأن الزواج ليس مُجرَّد مزحة وأنه سيكون لزوجته متطلبات وواجبات عليه، وأنّ طلاقها سيكون مكلفاً من كل النواحي، فإنه سيفكر بجدية في أمر اختيار شريكة حياته، وسيستخدم عقله في مواجهة الشهوة مرة أخيرة على الأقل، وكذلك على الفتاة أن تفكر في قرار الزواج، وألا تتسرع بين ليلة وضحاها.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.