الدعاء والقضاء
يرفع المُسلمون أيديهم للدعاء منذ عقود طويلة كي ينصرهم الله على أعدائهم، ومع هذا نجد أنّ أعداءهم يزدادون قوة وجبروتاً أكثر وأكثر بعد كل دعاء، ومن المفترض أن يعترف المُسلمين بواحدة من اثنتين:
- إما في الملياري مُسلم لا أحد استجاب الله له! حتى الصالحين وشفعاء ليلة القدر والأولياء والأئمة، كلهم المولى غير راضٍ عنهم، فآيات ادعوني استجب لكم، وإذا سألك عبادي عني، وغيرها من الآيات لا تنطبق عليهم، وكلهم في الميزان عند الله لا قيمة لهم.
- أو أنّ المُسلمين قد فهموا الدعاء بشكل خطأ، وطلب النصر من الله شي مُختلف غير رفع اليد والطلب بالشكل الحالي.
وعلى مدار التاريخ، أكثرت جماهير بني إسرائيل من الدعاء دون عمل، فلم يُستجَب لهم، وقد كتب الله عليهم القتال فنكلوا، فنكّل الله بهم، وقد جرى معهم هذا حينما كانوا الأفضل في العالم، والمُسلمون اليوم -الأسوأ حالاً بين الأمم- يُكثرون من الدعاء دون أن يفكروا في العمل بعد الدعاء، يريدون أن يرسل الله لهم مفاعل نووي لينتجوا الطاقة، وأن يرسل الله لهم مطرقة ثور ليهزموا أعداءهم، أفيقوا فإن الله لا يعطي للأمة المتقاعسة إلا الخيبة.
وقد صنع الغرب مكوك الفضاء بعد عقود من العمل المضني والعُلماء العباقرة والخرائط الهندسية والحسابات الرياضية وهم لا يؤمنون بالله ولا يعرفونه، اعتمدوا على ما منحهم الله إياه من عقل وانطلقوا، ولكن ماذا لو بعد بناء هذه الآلة الضخمة المكونة من ملايين الأجزاء نسي أحدهم وأخطأ ولم يضع برغياً صغيراً في مكانه المناسب في غرفة الوقود؟
هل سينطلق المكوك؟ بالطبع لن ينطلق ولو انطلق فسيحدث خلل ما، إنها قوانين كونية تسري على الجميع بلا استثناء، ولكن ماذا لو صنع المُسلمون هذا المكوك ونسوا هذا البرغي أيضاً، هل سيحل دعاؤهم المُشكِلة؟ هل سيتدخل الله ويضع البرغي لهم؟ قطعاً لن يحدث، بالدعاء قد يشعل الله بصيرة أحدهم مسبقاً ألا ينسى، لكن الله لا يتدخل لأجل كسالى متنطعون دون علم وصبر.
يتقدم أحدنا إلى وظيفة ويفشل ويقول أنّ الله لا يريد، ولكن ماذا لو سرقه لص وأخذ نقوده وهرب، هل سيقف ويقول أنّ الله يريد هذا؟ بالتأكيد سيلحق اللص وسيحاول أن يغير القدر ويكتب ما يريد، في النقود لا نسلّم للقدر، أما في فشلنا نرمي المسؤولية على الله، وقد بت أؤمن أنّ الله يتدخل في هذا الكون في إطار بسيط، فقد خلقه بسنن ثابتة وأطلقه، ولا يُحابي فيه مُسلم أو كافر، ويُمسي القدر من الأصل مكتوب هكذا! كما لو أنّ لدينا آلة زمنية وعدنا إلى الماضي وغيرناه، فسيبدو لمراقب خارجي أخير كما لو أنّ القدر مكتوب هكذا منذ البداية، إنها معضلة الجد ولكن بصورتها النهائية.
رسم توضيحي 68 هل سيستجيب الله لدعائي أم لدعائك، للمزارع الذي يحتاج المطر أم لعامل البناء الذي لا يرغب به.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.