الصورة البسيطة عن تكون الحياة تقول في البدء كان ماء، والماء كان في مكان ما، وكان المكان الما في ظروف مواتية على سطح الأرض، واحتوى هذا الماء على جميع المكونات والعناصر الأساسية الكيميائية لنشوء الحياة، وبالقليل من البرق والضوء مع بعض الحرارة وشذرات براكين وبعض الأملاح المعدنية الصغيرة، بوم شاكالاكا، نتجت الحياة، هذا على الأقل ما تقوله محاولات نظريات التطور حالياً ويحاول العُلماء إثباته كما في تجربة يوري وميلر الشهيرة منذ أيام العالمين أوبارين وهالدن.

الشيء نفسه حدث للإنسان، فهو تكون من كائنات بدائية تفاعلت مع مواد بسيطة، شيئاً فشيئاً تطورت إلى أن أمسى هذا الإنسان الذي نعرفه وذلك عبر ملايين السنين، كما وأخذت الطبيعة بعض اللبنات من الأحماض، ووضعت بعض الغراء وقليل من العمليات الأخرى ثم أفادا كادابرا، أمست لدينا الحياة المُعقَّدة التي نحاول أن نفهمها منذ آلاف السنين ونفشل رغم عقلنا الواعي وجماد عقل الطبيعة.

السؤال الأول الذي يحاول جميع العُلماء الإجابة عنه هو سؤال كيف بدأت الحياة، أي كيف بدأت الخلية الأولى، وكيف تم بناء أول بروتين، من أتى أولاً البروتين أم الجهاز الذي صنعه؟ إلا أنّ الجهاز الذي صنعه تم صناعته بالبروتين أيضاً، وهو سؤال يشابه من أتى أولاً البيضة أم الدجاجة، ونحن بتنا نعرف أنّ صناعة البروتين عملية مُعقَّدة، وتكوُّن بروتين بالصدفة يتطلب احتمالات مادة مقدارها بليون مرة المادة الموجودة، وعدد الاحتمالات الممكنة هي 10^234 وهي أكبر مرات كثيرة من عدد البروتونات والنيترونات والإلكترونات في الكون، وهي بحاجة إلى مسرح مساحته 10^82 سنة ضوئية لتحدث فيه، أي أكبر من حجم الكون.

حقيقة لا يوجد عالم تطوري أو غيره في العالم تجرأ أن يقول نعرف كيف أتت الخلية الأولى أو الحياة الأولى، لا يوجد على الإطلاق، ولعلك تجد صديقاً يعرف الإجابة فهذا أمر طبيعي، أمّا أن تجد عالماً من العُلماء المُؤمِنين بالتطور فليس ممكناً، وقد سمعت بنفسي ريتشارد دوكينز حينما تم توجيه هذا السؤال إليه قائلاً: إنّه من الممكن أنّ لبنة الحياة الأولى أتت من الفضاء الخارجي، ثم تهرّبَ سريعاً لأننا قد نسأل وكيف تكونت الحياة الأولى في الفضاء الخارجي، ماذا تقول؟ نعم؟ ريتشارد دوكينز لا يعتد به؟ حسناً أوافقك الرأي.

يشير البروفيسور الكيميائي جيمس تور أحد أشهر علماء الكيمياء في أحد أبحاثه عام 2016م قائلاً: “إنّ من يقول إنّه يمكن التوصل إلى بناء خلية لا يعلم شيئاً عن التفاعلات الكيميائية، فجميع العُلماء لا يفهمون كيف تمَّ الأمر، وهذا ما يتم نقاشه في الغرف المغلقة بين العُلماء”، مع العلم أنّ البروفيسور جيمس أحد أفضل الكيميائيين في العالم ولديه ما يزيد عن 650 بحث علمي، وهو مختص في الكيمياء وعلوم الحاسوب وعلوم النانو، وهو يرى أنّ غير المختصين -كمشاهدين اليوتيوب- يفهمون التطور، إلا أنه كمختص لا يفهمه، لأنه يفهم بدقة كيف تتفاعل الذرات ولا يرى كيف يمكن أن يحدث هذا في التطور ! وهو يدعو أي شخص على الغداء أي وقت لكي يشرح له كيف يحدث التطور وخصوصاً على المستوى الحيوي، وهذا ما يجعلنا نتأكد أنّ أكثر المُؤمِنين بالتصميم الذكي هم العُلماء.

ويقول العالم يوجين فيكتوروفيتش كونين، عالم الأحياء الأمريكي الروسي وكبير الباحثين في المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية، وهو خبير معترف به في مجال الأحياء التطوري وعلم الأحياء الحاسوبي: “إنّ المجال الذي يدرس بداية الحياة هو مجالٌ فاشل”.

ويضيف العالم لي هارتويل الحاصل على جائزة نوبل في الطب: “مع احترامي لأصل الحياة، وجدت أنه كلما تعلمت أكثر عن الخلية، اتضح لي أنها أكثر تعقيداً، إنها مُعقَّدةٌ بشكل مذهل، ومن خبرتي فيما وصلنا إليه من علم اليوم، فلن نستطيع معرفة كيف أتت الخلية الأولى، هذا أمرٌ مُستحيل”.

رسم توضيحي 42 بهذه البساطة يرى بعض العُلماء تكون الخلية الأولى.

وقد بتنا نعرف أنّ هذا السيناريو البسيط ينقصه بعض التفاصيل، كأن ترى صديقك ترتكز عليه مونيكا بيلوتشي، فتخبره كيف هذا، فيقول لقد أُعجبت بي! أُعجبت بك!!!! أريد التفاصيل، أريد أدق أدق التفاصيل، لا أريد المشهد الختامي من الفيلم، أريد أن أشاهد الفيلم بالكامل، فالشيطان يكمن في التفاصيل.

كما صرح الباحث الألماني كلاوس دور بقوله: “إنّ النظرية الحالية عبارة عن مخطط للجهل” ويقصد هنا نظرية فهم الحياة الأولى، وهذا يتفق مع رأي الكاتب العلمي نيكولاس وايد: “بأن كل شيء حول أصل الحياة على الأرض غامض، وكلما ازدادت معرفتنا بالأمر ازدادت صعوبة اللغز”.

الخلايا أكثر تعقيداً مما يتخيل البشر، وعملية عقلنة نشأتها أمرٌ مُستحيل! وهذا يُشابه ما قاله البروفيسور فرانكلن هارلود نفسه “إنّ نشأة الحياة أمر غامض”، وكذلك رد البروفيسور جورج م. وايتسايدز في جامعة هارفارد حينما سئل كيف بدأت الحياة؟ أجاب: “لا أعرف ببساطة”.

وكما رأينا فإنّ تعقيد بناء الخلية وتعقيد تداخل الخلايا وتعقيد عمل الدنا وغيرها من الصور تقودنا في النهاية مع آراء العُلماء إلى أنه لا أحد يستطيع تفسير كيف بدأت الحياة على المستوى الكيميائي، لا أحد يمتلك الدليل أو الفهم، وكما رأيتم أنّ بعض العُلماء لشدة تعقيد الحياة يقولون أنها قد جاءت من كوكب آخر، ورأينا أنّ تكوين الدنا أو الرنا أو حتى البروتين الأول عملية صعبة ومُستحيلة، ولكن العُلماء لم ييأسوا، فهُنَاك تجربة حدثت ولم تعاد منذ خمسينات القرن الماضي لطالب وأستاذه في رسالة الدكتوراة سميت بتجربة يوري ميلر، إذ جهز ميلر دورق به مجموعة من الغازات وقام بتمرير شرارة كهربائية فيه وحصل على بعض الأحماض الأمينية [68]، في تجربة منظمة ومحكمة ومحسوبة منذ خمسينيات القرن الحادي والعشرين، بالرغم من التطور التكنولوجي اللاحق للتجربة، لم يتجرأ أحد على إعادتها أو تحسين مخرجاتها بشكل فاعل لإظهار نتائج مدهشة وذلك منذ سبعين عاماً.

كما في دورة حمض الستريك رأينا أنّ الأكسجين هو أحد المخرجات النهائية من الدورة، إلا أنّ الأكسجين ضار جداً للخلية وهو عنصر شيطاني يحرق كل شيء فيها ما لم يقم الجسم بالتخلص منه، ولو كانت بعض جزئيات الميثان لدينا في دورق تجربة يوري مثلاً إلى جانب الأكسجين ومررنا الشرارة لحدث انفجار هوليوودي، فلا الأكسجين مُفيد لبناء الكائنات لأنه يتفاعل معها، ولا هو مُفيد في وسط به شرارة ومواد قابلة للاحتراق، ولهذا اعتبر أوبارين وهالدن أصحاب الفكرة أنّ غلاف الأرض في مراحل تكون الخلية الأولى كان بلا أكسجين أصلاً، وأنّ الجو كان مليء بالهيدروجين والميثان وعناصر أخرى وأنّ ضربات البرق افتراضياً أنشأت الأحماض الأمينية.

وهذا يعني أنّ العُلماء قاموا بإدخال فرضيات معينة في التجربة للحصول على نتائج معينة ليست حقيقية، كأن أعمل لك سحراً وهو في الخفاء خدعة تكنولوجية، أو كأن تحضر بنفسك دورقاً يحتوي على غازي الهيدروجين والميثان، ثم تقوم بالسماح بمرور الهواء العادي، ثم تعرضه للقليل من التسخين والكثير من الشرارة، ثم تقوم بتركه في بيئة معزولة لمدة أسبوع، ستحصل حينها على الكثير من المركبات السامة، إضافة إلى أبسط حمضين أمينين وهما الجلايسين والألانين، وبتحسين التجربة فيما بعد ستحصل على أحماض أكثر ومواد أخرى، وهذا أمرٌ مُشابهٌ لما حصل في تجربة يوري ميلر.

بعد تجربة يوري وميلر بسنوات توصل علماء طبقات الأرض (جيولوجيون) إلى أنّ البراكين القديمة لا تختلف عن البراكين الحديثة، وجو الأرض قديماً لا يختلف عن جو الأرض هذه الأيام كثيراً، وأنّ جو الأرض قد احتوى على أكسجين قبل عمليات البناء الضوئي عبر تحلل الماء من خلال الأشعة فوق البنفسجية، وكانت هُنَاك أدلة كثيرة في الصخور تدل على هذه النتائج قبل 3.7 بليون عام، فقد وجد العُلماء إنزيماً خاصاً يسمى سوبر أكسيد ديسميوتاز (Superoxide dismutase) في الخلايا الحية لحمايتها من الأكسجين السام الموجود في الكائنات التي من المفترض أنها تطورت قبل عملية البناء الضوئي ليحميها من الأكسجين، فلو افترضنا أنّ هذه الكائنات هي الأقدم وتطورت قبل غيرها، فلم تحتوي على الإنزيم الذي يحميها من الأكسجين؟ فهذا تطورياً يبين أنّ الأرض سابقاً كان بها أكسجين خافت منه الكائنات الحية واستعدت له.

لاحقاً، صرح العالمان holland و Abelson أنه لا يتوفر دليل على أنّ جو الأرض كان خليطاً قوياً من الميثان والأمونيا، وأنّ هذا كان افتراض من أوبارين وهالدن، وهنا نعود لما تكلمنا عنه مسبقاً، العُلماء المُؤمِنون بالتطور خيالهم واسع ودائماً بلا أدلة دامغة، إنها لعنة مشاهدة الأفلام بكثرة، ولكي نقلل من اللغط، أثبت علماء آخرون مثل فوكس ودوز أنه لا يمكن إنتاج أحماض أمينية أساساً حين تعرض هذا الخليط لشرارة كهربائية، والمقصود هنا الخليط الأساسي الذي كان موجود على سطح الأرض يومها، ولهذا قام ميلر بمحاولة تصحيح تجربته وتعديلها؛ فأنتج الجليسرين عام 1983م الناتج من تعريض أول وثاني أكسيد الكربون لشرارة بسيطة بدلاً من الميثان، وكان هذا أقصى ما توصل إليه، وكالعادة هُنَاك ردود من علماء على هذه التجربة، ولكن العُلماء من تلك الأيام وقبلها قد ألقوا بتجربة يوري ميلر وراءهم لهذه الأسباب ولأسباب أخرى مثل استخدام يوري للمصيدة الباردة لإنجاح تجربته، ولا ننسى أنّ حمضاً أمينياً واحداً يُبعدنا كل البعد عن بناء بروتين واحدة، ويُبعدنا كل المسافة التي أبعدها عن مونيكا في الحصول على عضية خلية واحدة.

بعد فهم العُلماء أكثر لدور البروتين ولتعقيد بنائه ولوجود عقباتٍ كثيرةٍ في تكوين البروتينات من الأحماض الأمينية، اتجه العُلماء إلى البحث عن تخليق شيء آخر، شيء أكثر منطقية، سنخلص للآلة التي تصنع البروتينات. حسناً، الدنا كبير ومُعقَّد، فدعونا ننظر للرنا، فهو صغير ولطيف ومن الممكن التفكير في صناعته في حساء الحياة، فضلاً عن أنّ بعض الرنا يعمل أحياناً كإنزيم أي أنه بروتين أحياناً، ولهذا لماذا لا نفكر فيه، لكن هذه الفكرة ما زالت نظرية ولا أسس لكيف تطور الرنا دون الدنا ودون بروتين كما تكلمنا مسبقاً.

على مدار سنوات طويلة نطالع الأبحاث التي تشير إلى قدرة العُلماء على تخليق مكونات الحياة، ومن المفترض في ظل التطور العلمي الهائل ووجود ملايين العُلماء حول العالم وفي ظل ادعائنا أنّ الطبيعة بالصدفة أنتجت الحياة، فنحن بذكائنا الجمعي حتماً قادرون على فك بعض الألغاز الأساسية، مثل كيفية صناعة البروتين أو الرنا أو الميتوكوندريا أو حتى الغشاء الخلوي أو الأنيبيات الدقيقة أو أي مكون بسيط من مكونات الخلية، لكننا رأينا عكس ذلك، رأينا أبحاثاً تتحدث عن صناعة خلية كاملة صناعية بضربة واحدة! أنتم لم تستطيعوا صناعة برغي، فتقولون أنّكم صنعتم مكوك فضاء! وللأسف هذه الأبحاث تراها تعتمد على استخدام أجزاء سابقة كاملة من الحياة وتضيف عليها بعض النكهات وتقول It’s Alive.

تقول بترا شويل عالمة فيزيائية حيوية ومدير قسم بحوث الفيزياء الحيوية الخلوية والجزيئية في معهد ماكس بلانك للكيمياء الحيوية أنها دائماً ما كانت منبهرة بالسؤال عن كيفية بناء الحياة، وما هو الجزء المسؤول عنها، وأنّ العُلماء على مدار 20 عاماً يحاولون هذا الأمر، وتأمل هذه العالمة كما جميع العُلماء في مشروع BaSyC أن يقوموا ببناء الحياة، فالمبلغ المرصود مكون من عشر خانات لذا يجب أن ينجحوا، ولكن يجب أن نذكرهم أنّ احتمالية بناء بروتين به 20 حمض أميني رياضياً ودون عواطف كما فعلنا سابقاً هي تقريباً 1 من 10^202 وللتذكير إنّ كل عدد ذرات الكون هو 10^87 !

هُنَاك نقطة قد تكون غائبة ولكنها مهمة، الكيمياء ليست هي الحياة، فلو قمنا باقتطاع كل أجزاء الخلية وتركيبها معاً لن تتحرك الكيمياء ولن تنتج شيئاً، لو ماتت الخلية وقمنا بتقطيع أجزائها وتجميعهم مع أخرى لصناعة وحش خليّشتاين فلن تتحرك الخلية، الحياة ليست هي المكونات الكيميائية، إنّ البروتوبلازم الذي يقوم بعمليات الأيض والبناء المُختلفة لهو كيمياء حية! ولو نزعناه وتوقف عن الحياة (مات) لما صار بإمكاننا إعادة تشغيله من جديد، وكأننا أمام ذرات حية وذرات ميتة! لم يعجبني هذا الكلام في البداية فلقد كنت مُؤمِناً بأنّ العلم سيكشف السر، ثم تراجعت لاحقاً وتذكرت أني هنا أمسي مُؤمِناً ولست عالماً، حينها يكون ديني هو الإيمان التطوري وليس التجربة العلمية الحالية، لذلك لا مفر من التسليم بأن الحياة ليست كيمياء، على الأقل حتى هذه الأثناء، إلى أن يأتي عالم ويقول بالتجربة: اليوم صنعت لكم ميتوكوندريا حية من بعض المواد الكيميائية من حساء الحياة.

هل تعرف الطبيعة الكيمياء وتعقلها حتى تشيد بها الخلايا؟ هل تعرف الميثان من الإيثان من البروبان من البنتان؟ هل تعرف السايكلو أوكتان أم الألكان من الألكين، أم تميّز الكحول من الثيول من الإيثر، ولربما تستطيع أن تفرّق بين الأحماض والألدهيد والإستر، أو السبايرو من الباي سايكل، ولربما تُميز تفاعلات الإحلال من الاختزال من غيرها، ولربما تعرف عمليات إنتاج الألكينز عبر الاختزال من تفاعل وولف كيشنر أو جرينيارد، أو لربما تستطيع إجراء تكوين عبر عمليات كوري هاوس أو تفاعل فولدز، ولعلها تستطيع البدء بذرة كربون وتكملها إلى حلقة عبر تفاعل ديلزألدر لتقوم لاحقاً بتكرار التجربة ملايين المرات وتكمل تفاعلات أخرى لتكوين حلقة البنزين، ثم تفاعل إحلال لكي يتكون لدينا الفينول، أو تستطيع التمييز بين دوران المركبات الضوئية، وتميّز أنواع التنافر الكيميائي الضوئي، أم تميّز السوائل وأنواعها وطريقة تأثير الروابط فيها لعمل تجربة دقيقة دون نواتج أخرى، وغيرها من عشرات آلاف المُحددات الكيميائية، إنّ الطبيعة لو استمرت مليون عام، لن تستطيع إجراء عبر الصدفة سلسلة تفاعلات كيميائية لتخرج لنا مركب مثل الهيموجلوبين يتكون من مئات التفاعلات المتسلسلة، توضيح كيميائي أكثر في فصل الكيمياء الواعية.

إنّ القانون الثاني للديناميكا الحرارية الذي ينص على أنّ كل شيء في الكون يتجه إلى التشتت والتفكك والفوضى كفيلٌ بتغيير كل نظرتنا الحالية عن تكون الحياة أو الخلية الأولى، فالخلية الأولى لن تصمد في حساء الحياة أمام الأحماض والحرارة والضغط الجوي والتغيير المناخي بين الليل والنهار والمواد السامة والعوامل الأخرى الموجودة، فكيف ستتكاثر وتنقسم وتقوم بمحاولات لا نهائية لعيش هذه الحياة في هذه الأوساط القاسية، ولا أعلم كيف لنا أن نؤمن بمُستحيل مثل الصدفة والعشوائية التي تُنشئ نظاماً بديعاً كالخلية الحية أو الكائنات الحية، وألا نؤمن بمهندس واحد، أليس هذا أسهل من الإيمان بمليون صدفة!

شكل 40 صورة اللوحة الأم

فليأخذ العُلماء معالج أي حاسوب، أو ليأخذوا اللوحة الأم Motherboard ويقوموا بتعريضها لجميع العوامل البيئية والجوية والفيزيائية، وليروا هل لو أعادوا هذه العملية على ملايين اللوحات ستتحسن أي منها؟ لا نريد أن تدعم معالج أحدث، نريدها أن تضيف خاصية جديدة لها، هل سيحدث هذا يوماً؟ بالطبع لا، فالقوانين تخبرنا أنها ستبلى وتفنى ولن يبقى منها جزء متماسك جراء تعرضها للعوامل البيئية المُختلفة. وتقريباً فإن كل دراسة علمية ترى أنها اكتشفت كيفية ظهور الحياة تقوم بإتباع العمليات التالية:

  1. تحضير بعض المواد الكيميائية بنقاوة عالية.
  2. خلط هذه المواد الكيميائية مع بعضها في وسط سائل بتراكيز معينة وبشروط مخبرية مُحددة.
  3. تكرارها إلى حين الحصول على مزيج من المواد التي تشبه إلى حد ما تلك المواد المُشكِلة للخلية الحية مثل الكربوهيدرات، والأحماض النووية والأمينية، والدهون.
  4. نشر ورقة علمية بعنوان جذاب وجريء عن أصل الحياة، بناء على تلك النتائج المصنوعة بدقة.
  5. التواصل مع الصحافة لنشر الخبر المخادع.
  6. مشاهدة العامة غير المختصين والذي يشجع جيل كامل من مؤلّفي الكتب المدرسية على وضع رسومات ملوّنة جميلة عن مركبات كيميائية تتجمع لتشكيل خلايا، ومن ثم لتشكيل مخلوق لزج يخرج من الحساء قبل ملايين السنين.

هذا الملخص من محاضرة حديثة لعالم الكيمياء الحيوية والنانوية جايمس تور، والذي يشكك في فرضيات أصل الحياة والتطور الدارويني، المحاضرة بالتعاون مع جامعة Andrews University [121]

رسم توضيحي 43 تبدو عملية البناء الضوئي من الخارج بسيطة ولطيفة، لكن حين التعمق في التفاصيل، نرى أنّ كل جزء منها عبارة عن عمليات كيميائية مُعقَّدة، لذلك يمكن أن تسمع أنّ النباتات قد امتصت الماء وفي ظل وجود الضوء أنتجت الكاربوهيدرات بالصدفة! في حين أنّ ما وراء هذا السطر أطنان من التفاعلات.


اترك تعليقاً