إنّ أي تغير فوق مستوى الأنواع Species، أي على مستوى العائلات Families أو الشُعب Phylum أو الجنس Genus، يُسمى بالتطور الكبروي Macroevolution وقد ينتج لنا حسب نظرية التطور نوعين مُختلفين من الكائنات الحية، إذ يحدث تغير في نسبة ظهور جين ما داخل مجموعة من الكائنات الحية وذلك بالتركيز على القطيع ككل وليس على أفراد مستقلين، ويبدو هذا ظاهراً على الكائن الحي.

ويمكن حسب التطور أن نلاحظ هذا الأمر بالنظر إلى شجرة الحياة أو السجل الأحفوري للكائنات، والسبب الرئيسي لحدوث هذا التطور هي مبادئ التطور مجتمعة التي ذكرناها بالأعلى، فمثلاً التطفر عملية صغيرة وبسيطة، لكن بدمجها مع العمليات الأخرى عبر ملايين السنين يحدث أن يتطور الحوت إلى دب، كما يقول التطور.

والنوع Species هو مجموعة من أفراد الكائنات الحية التي يمكنها من التزاوج فيما بينها وإنتاج نسل خصب، وهذا أبسط تعريف للنوع، ويتشارك أفراد هذا النوع فيما بينهم بحوض الجينات Gene Pool فقد تختلف الأفراد بصفاتها الظاهرة لكنها مخزنة في أشرطة الدنا، وحينما يحدث تزاوج يتم تهجين للصفات فينتج صفات جديدة لأفراد النوع.

رسم توضيحي 20 آلية عمل التطور الكبروي

هذا الكلام يشبه أن أجلب لك حوضاً مليئاً بالأحرف العربية وأقول لك اغرف منه، فتغرف أحرف فيكون لديك كلمات مثل ثصقي لبافثقف ؤرءرءؤيس، وكلما غرفت خرجت بكلمات جديدة من الأحرف نفسها، لكن أن تغرف ويخرج لك كلمة فيها حرف انجليزي هذا مُستحيل، كل الكلمات ستكون من سياق الأحرف الموجودة في الحوض، إنّ التطور يفسر اختلاف النسل، لكن لا يوضح كيف أتت صفات جديدة، من أين ظهرت صفة الطيران لدى الخفاش، من أين ظهر حرف ال E وحرف ال Y متقنين النحت في الحوض، الآلية الوحيدة في كل آليات التطور هي الطفرات، والطفرات كما عرفنا هي هدامة وضارة، ودمج ملايين السنين مع العمليات الأخرى لا ينتج لنا شيئاً.

إنّ تطور بروتين واحد من مجموعة أحماض أمينية كما رأينا يكلف ملايين ملايين الاحتمالات وكلما تعقد بات الأمر مُستحيلاً أكثر، فـ500 حمض أميني أعطتنا أرقاماً لا يمكن استيعابها وهي تَفُوق جداً احتمالات الكون الممكنة، فما بالكم ببروتين يحتوي على 2000 أو 20000 ألف حمض أميني، ونحن نعلم أنّ ال500 حمض أميني لو أصبحت 501 فقط، لتضاعفت الأرقام بصورة مرعبة، ناهيك بعد أن تحاول الطبيعة بالصدفة ملايين المرات ولا يموت الكائن الحي بمنتجات ضارة تتوصل الطبيعة لآلية ذكية، فتقول هذا البروتين الذي أنتجناه مُفيد، امسحوا ال 254896325 تجربة الأخرى الفاشلة من السجل، ودعونا نقوم بكتابة هذا البروتين في الدنا، تفضل أيها الرنا هذا المركب الجديد، وقم بتسليمه إلى الدنا، وأخبره أنه بروتين جديد ومُفيد، وقم بتدوينه في سجلاته، وسجل أين سنستخدمه، وكيف نستخدمه ومتى نستخدمه وهيكليته الثلاثية سجلها أيضاً، وقم بترتيب الموضوع مع مجموعات الريبوسومات والنواقل وغيرها لكي يصنعوه بدقة ويُلحقوه بالنظام ككل.

بعد إجراء نماذج المحاكاة الحاسوبية وجد كل من العالم دوريت والعالم شميت أن المدة الزمنية اللازمة لتثبيت طفرة واحدة في أسلاف الرئيسيات (البشر والقرود وغيرها) هي 6 ملايين سنة [43] وذلك في بحث قاما بنشره عام 2008م في مجلة علم الوراثة لفهم وتقدير المدة الزمنية المطلوبة لتثبيت الطفرات داخل المجموع السكاني للنوع، وأضافا أنّ الحصول على اثنتين فقط من الطفرات وتثبيتها عبر التطور في البشر بمجموع سكاني صغير سيحتاج إلى 100 مليون سنة، 100 مليون سنة لتُثبِت طفرتين، وليس مليون طفرة، أي أنّ تثبيت طفرتين في الجنس الواحد هي أكبر من العمر الزمني لتطور البشر، وهذا يتوافق مع الحديث السابق عن بناء البروتينات، إذن ستفشل كل المحاولات لتفسير ظهور الصفات الجديدة، وهنا يجب التذكير أنّ عدد الأجناس الموجودة في الكائنات الحية يقدر بمئات الآلاف، وكل جنس منها من المفترض أنه تطور بالطفرات المُفيدة والضارة في مسار متكامل لتخرج ملايين الأنواع بهذا الشكل، هُنَاك 2400 نوع من جنس الأفاعي المُختلفة في الشكل والخصائص والمزايا كما لو أن كل منها وجد بهذا الكمال المتقن!

هُنَاك نقطة إضافية، إنّ الحديث في سياق التطور نراه في سياق تطور الخلايا والمعدات الحيوية، لكن ماذا عن نظام التشغيل الذي يربط الأجزاء ويشغلها سوياً، كيف تطور أو كيف أتى إلى الوجود، فوجود قطع عتاد الحاسوب أو جوال حديث مع بعضها لا يعني أنها ستؤدي وظيفتها، بل يجب وجود نظام تشغيل أكثر تعقيداً من العتاد لينظم العمليات ويربط هذه الأجزاء بكفاءة، كل الحديث يتم في تطوير المعدات ولا أحد يذكر كيف تطورت عقلية عمل النظام.


اترك تعليقاً